تشهد زحلة ما بين 15 و19 آب المقبلين حدثا مختلفا. إذ ستستقبل المدينة، نحو 50 زحليا من بلدان الإنتشار، في مؤتمر الإنتشار الزحلي، الذي دعت اليه بلدية زحلة- معلقة وتعنايل بالتعاون مع “جامعة الإنتشار الزحلي” وهي جمعية مستحدثة، سعى رئيس البلدية أسعد زغيب لتأسيسها، ونالت العلم والخبر منذ نحو عام.

الحدث يشكل سابقة بالنسبة لمدينة زحلة، التي عرفت الهجرة منذ أواخر القرن التاسع عشر، فإنقسم منتشروها وفقا لزغيب على مرحلتين أساسيتين، الأولى قبل الحرب العالمية الأولى، والثانية بين الحربين العالميتين.  خسرت زحلة خلال هذه الفترة نحو ثلثي أهلها.  وهذا حال جميع المدن اللبنانية، كما يرى زغيب، “وإنما مع فارق أساسي، وهو أن الزحليين بقيوا متكتلين في أماكن هجرتهم، ومتعلقين بمدينتهم، وأسسوا النوادي التي جعلتهم يحافظون على عاداتها، وهذا ما لاحظناه من خلال سفراتنا المتنوعة، بحيث وقف الزحليون، وخصوصا في بلدان الإنتشار الحديثة كأميركا وأوروبا،  الى جانب مدينتهم في أوقات المحنة، وكان لهم دورا مؤثرا على عواصم القرار خصوصا خلال الحصار الذي تعرضت له المدينة سنة 1981.”

هذه “الروحية الزحلية” شكلت المنطلق لفكرة إقامة مؤتمر للإنتشار، يجمع في كل سنة عددا من المنتشرين الزحليين.

وبالمنتشرين كما يشرح زغيب “نعني كل زحلاوي يعيش خارج المدينة، من بيروت وطرابلس الى آخر بقعة في العالم، ومن دون تمييز لا بين البلدان التي ينتشرون فيها، ولا بالنسبة للاحزاب التي ينتمون اليها. فهذا مؤتمر زحلي بالدرجة الأولى، والهدف منه إعادة وصل الزحليين بمدينتهم أولا، وإشراكهم بمسؤولياتها”.

وبهدف وصل ما إنقطع أولا مع الجيل الجديد، يتحدث زغيب عن مخطط لإقامة مخيم صيفي سنوي، للفتيان الذين تبدأ أعمارهم من 13 و14 سنة، حيث ستعمل البلدية على إستضافة مجموعات شبابية سنويا، بحيث تمضي كل مجموعة اسبوعين على مدى ثلاث سنوات متتالية، في مخيم صيفي يجمعها بفتيان مقيمين من نفس العمر، فيقضي هؤلاء أسبوعا معا في المخيم الذي يتضمن نشاطات مختلفة ورحلات، ومن ثم تتم إستضافتهم أسبوعا آخر في منازل المقيمين. على مر ثلاث سنوات من المفترض أن تولد صداقة بين هؤلاء الفتيان، ويمكن لهذه الصداقة ان تتطور في علاقات مستقبلية، لأن هذا الشاب الموجود في الخارج بات متعلقا بمدينته،  وصار يعرف عاداتها،  فلن ينس اللغة العربية، ولن ينس الدبكة، وبالتالي خلق ذكريات مع زحلة، ومع اشخاص من مدينته باتوا جزءا من حياته.

هذا برنامج كبير، كما يقول زغيب، “إنما الهدف منه الاستثمار في تعلق الزحليين بزحلتهم.”

هذه الرسالة التي وجهت للزحليين المنتشرين

وزحلة كما ورد في رسالة الدعوة التي ارسلت الى المؤتمر، “ليست فقط مكان ولادة وإنتماء، بل هي ثقافة حياة نعيشها يوميا في تصرفاتنا وعاداتنا وتفكيراينا اينما وجدنا في رحاب العالم. زحلة المدينة الحديثة التي استطاعت فرض مكانتها سريعا وصارت ركيزة اساسية في بناء الوطن كما ان الانتشار الزحلي هو ركيزة اساسية لحضور لبنان في العالم.

زحلة ماض وحاضر في آن واحد، والتاريخ يضج بها، بكتاباتها وروادها ويرتبط بحاضرها، وطاقات شبابها. وزحلة رواية انسانية تحبك كرامة الذات في المدينة مع كرماء النفس في الانتشار، إن انقطع الحبل تيتم المغترب وأضاع المقيم الإبن النبيل، ونحن معكم نريد أن نلغي المسافات، نشبك زحلة مع أجزائها عبر القارات.

لكل ذلك كانت جامعة الانتشار الزحلي التي تهدف الى استمرار أو تفعيل الرابط الزحلي، لتبقى المدينة حاضرة اينما وجد ابناؤها. ان ابرز أهداف الجامعة انشاء مساحة مشتركة للتواصل وتوحيد الاهداف والجهود من خلال منصة رقمية، سننشر من خلالها اخبار المدينة وأهلها، ماضيها وحاضرها، مناسباتها ونشاطاتها، مشاريعها العامة والخاصة. بالاضافة لتسهيل سبل التواصل بين المقيمين والانتشار، وبين المنتشرين أنفسهم اينما وجدوا عبر نقل اخبارهم وتغطية نشاطاتهم. ايضا سنعمل على تنظيم زيارات دورية للشباب المنتشر من اجل تقوية الرابط الاجتماعي والثقافي مع المدينة.

وأخيرا سنشجع التواصل بين المنتشرين والشباب الزحلي، ونؤمن قنوات موثوقة وآمنة للمنتشرين لدعم زحلة ومشاريعها، إضافة الى تنظيم مؤتمرات سنوية للإنتشار الزحلي في زحلة.

إذا أخطأنا إعذرونا

ويضيف زغيب “كبلدية وضعنا في جامعة الانتشار الزحلي الامكانيات وعليها العمل، ولكن هذا لا يعني بأن وجود البلدية ومشاركتها لن يكون أساسيا في هذا المؤتمر الأول، وستكون الدافع الأول لنجاحه،  وبشكل قوي، كونها صاحبة الاهتمام الاساسي، وهي التي تضع المشاريع والرؤيا للمدينة، والتي تحاول أن تتواصل بشأنهما مع كل الزحليين في المدينة والإغتراب، وبالتالي فإن كل الداتا والمعلومات التي ستكون موجودة لدى الجمعية، ستحتفظ بها ايضا البلدية”.

يقدر زغيب في المقابل، بأن أي تجربة جديدة سيكون فيها هفوات، ومن هنا يقول “ربما أبدأ كلمة الإفتتاح بكلمة إعتذار عن أي خطأ تنظيمي قد يقع، وهذا أمر وارد، لأننا في النهاية لن نتمكن من إستقبال أكثر من 50 زحليا، من مئات الالوف المنتشرين في العالم، وإنما إمكانياتنا حاليا لا تسمح بأكثر من ذلك، وهذه ليست سوى الإنطلاقة لنفتح صفحة مع كل الإنتشار الزحلي، من أجل بلورة افكار جديدة ومناقشة مشاريع حالية ومستقبلية. فالبلدية لديها افكار وهم لديهم افكار، ما بين افكارنا وافكارهم ممكن ان نتطور ونحسن وجهة العمل معا، لنصل الى رؤيا كبيرة في إزدهار مدينتنا”.