جمع “القصر البلدي في زحلة، رؤساء وممثلين عن أكثر من ثلاثين بلدية في لبنان، في لقاء نظمته “جمعية المدن المتحدة في لبنان” مع نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، للبحث حول “الموارد المالية للبلديات والإتحادات البلدية” والتعديلات المطلوبة على بعض القوانين، بما يضمن تماشيها مع الغلاء المعيشي ومتطلبات الإنماء من البلديات.

جمعية المدن المتحدة، تضم في لبنان 75 بلدية واتحاد بلديات، وهي جمعية منتسبة الى منظمة عالمية وحيدة تخاطب الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي والمنظمات العالمية. وفقا للشرح الذي قدمه الدكتور بشير العضيمي رئيس الجمعية في لبنان، ومدير المكبت التقني للبلديات اللبنانية. لافتا الى ان لبنان خلق من ضمن عمله في الجمعية، لجنة لرؤساء البلديات، نائب رئيسها رئيس بلدية زحلة- معلقة وتعنايل أسعد زغيب، وهي لجنة تهتم بالشأن البلدي بشكل عام، وأحد إهتماماتها الحالية هي الموارد المالية للبلديات، وكيفية تعزيزها.

الدكتور بشير العضيمي

لدى لجنة رؤساء البلديات خمس لجان، عملت أحدها “لجنة الاقتصاد المحلي ومالية البلديات” على دراسة موضوع الرسوم وتعديلاتها، للخروج بإقتراح لتعديل القانون يدعم العمل البلدي.

إلا ان المعضلة التي طرحها العضيمي على الفرزلي، هي في عدم إشراك هذه اللجنة بنقاشات اللجان النيابية، وهو الأمر الذي لفت اليه رئيس بلدية زحلة اسعد زغيب الذي قال أن “مشاكلنا كبيرة كبلديات وأكبر مشكل واجهته منذ سنة 1992، أنه ممنوع علينا أن نخلق تجمعا كرؤساء بلديات، لأن ذلك يعتبر كهيئة ضغط على الدولة”.

فوعد الفرزلي بمعالجة لهذا الأمر، ضامنا على الأقل دعوة اللجنة ومن يمثلها لإجتماع اللجان المشتركة التي يرأسها.

الرئيس أسعد زغيب

وتطرق زغيب ايضا الى الرسم على القيمة التأجيرية، معتبرا أن هذا الرسم يجب ان يتبع غلاء المعيشة، ليتماشى فعليا مع القيمة التأجيرية، شرط ان يكون ذلك بشكل تدريجي، مع إمكانية لزيادة سنوية على قيمته بنسبة لا تتعدى ال 3 بالمئة سنويا. لافتا الى انه في نطاق بلدية زحلة تصل كمية الأموال التي تستوفى من الرسم التأجيري حوالى 50 بالمئة، اي بمعدل وسطي يصل الى 30 الف ليرة عن الوحدة، بينما تكلفتنا من معالجة النفايات في المطمر الصحي للوحدة السكنية التي تنتج 1.2 طن سنويا هي 70 الف ليرة للطن، اي اننا بدأنا بخسارة في موازنتنا بقيمة 40 الف ليرة، لتنخفض هذه الخسارة الى 10 الاف ليرة اذا استوفينا الرسم مئة بالمئة.

وأضاف “لا يمكننا ان نستمر على هذا الشكل، لأننا إذا اطلعنا على القانون البلدي ومسؤوليات البلديات، والتي تشمل الإهتمام بأمور الصحة والمستشفيات والمدارس الحكومية وغيرها، الى جانب العمل الانمائي اليومي، نرى ان الأموال لن تكفينا اذا لم يتطور الرسم على القيمة التأجيرية.”

كما شرح زغيب بأن “هناك مشاكل تواجهنا في المناطق البعيدة عن المدن التي تقيم الوحدات السكنية بشكل عامودي، حيث كلفة الإنماء توازي عشرين ضعف المناطق التي تبني بشكل عامودي، معتبرا أن الصندوق البلدي المستقل يجب أن يأخذ هذا الأمر بعين الإعتبار، وذلك للحفاظ على أبناء المناطق النائية، ويشجعها، وخصوصا من يبنون الوحدات السكنية المنفردة.”

طوني مطر

وكان عرض من قبل عضو مجلس بلدية نهر ابراهيم، وعضو لجنة الاقتصاد المحلي ومالية البلديات طوني مطر للمشروع المقترح من اجل تعديل مواد تتعلق بمالية البلديات لجهة الرسوم والإنفاق. والتي لخص أسبابها الموجبة بما يلي:

ان البلدية هي ادارة محلية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والاداري ومنوط بها كل عمل ذي طابع او منفعة عامة ضمن نطاقها. وتستوفي البلدية الضرائب والرسوم المباشرة، ويستوفى لحسابها رسوم غير مباشرة لتستطيع أن تقوم بمهامها الادارية والتنظيمية والانمائية. اذا من الناحية القانونية تتمتع البلدية بالاستقلال المالي ولها موازنة مستقلة عن موازنة الدولة، بينما هي خاضعة لبعض القرارات الصادرة عن الدولة، او لتلك التي تتعلق بالظروف العامة في البلد، ومنها مؤخرا زيادة رواتب وأجور الموظفين في القطاع العام، توسيع المهام الامنية من خلال زيادة عديد الشرطة البلدية، وخصوصا مع تزايد أعباء النزوح السوري، زيادة أسعار جميع النفقات من جمع النفايات والمحروقات والتنظيفات ومواد صيانة الطرقات، التضخم المالي السنوي والذي جعل اموال الجباية لا تغطي النفقات العادية، تراجع الاستثمارات في قطاع البناء الذي يشكل موردا مهما للرسوم البلدية، حجب الرسوم التي كانت تتلقاها البلديات من الخليوي، عدم دفع المستحقات المالية للبلديات من المصالح المستقلة، كالمياه والكهرباء، اقتطاع مبالغ كبيرة من أموال الصندوق البلدي المستقل، الغاء براءة الذمة البلدية المحددة بالمادة 133 من قانون البلديات والتي فتحت باب التهرب الضريبي البلدي، قانون السير الجديد الذي حجب عن البلديات الرسوم والغرامات المترتبة من مخالفات السير، حجب عائدات البلديات من الخليوي منذ سنة 2010، بحيث وصلت قيمة هذه الاموال المحجوبة نحو 1500 مليار ليرة.

علما انه في سنة 1990 صدرت قوانين قضت بزيادة جميع الرسوم الادارية والقضائية باستثناء الرسوم البلدية، وكل ذلك بحسب مطر أوصل البلديات الى عجز في موازناتها، بينما المطلوب منها تأمين كافة خدمات المواطنين لأنها السلطة المحلية التي هي بتماس مباشر مع الناس، ومسؤولة عن كل عمل ذو منفعة عامة ضمن نطاقها.

النائب ايلي الفرزلي

اعتبر الفرزلي هذه الأسباب الموجبة أمر في غاية الاهمية، متحدثا عن جوانب تم اقرارها في اللجان المشتركة تؤدي الى مداخيل مهمة للبديات، وخصوصا من خلال رفع حصة البلديات من تسويات مخالفات البناء الى 30 بالمئة. محملا المسؤولية للبديات التي تتحكم السياسة ومصالحها بقراراتها في الإنماء، بحيث خلقت مناخا في الدولة بأن البلديات لا يصرف مالها إنماء، ولذلك فلنبق على سلطة السلطة المركزية على هذه الاموال، لكي تصرف بالطرق التي تحددها لها. وهنا اعتبر ان دور البلديات “المنتخبة”هو ان تحقق الاستقلال الحقيقي عن قدرة السياسيين للتحكم بمسار الاموال. منوها ببلدية زحلة “حيث لم تستطع السياسة ان تتحكم بكيفية صرف الاموال او الاستفادة من الاموال لخدمة هذا او ذاك من الناس”.

وإعتبر الفرزلي أن “الحل الوحيد هو بالذهاب الى اللاحصرية الإدارية واللامركزية الإدارية، وإعطاء البلديات صلاحيات واسعة. وقد درس ذلك في اللجان المشتركة، وجرى تأليف لجنة فرعية للنقاش في الشق السياسي الحساس. معتبرا أن اللامركزية الادارية، كما الإنماء المتوازن، تكاد تكون دستورية لأنها جزء من وثيقة الوفاق الوطني.

ودعا الى تحرير البلديات من سلطة الادارة المركزية، لأن البلديات ادرى بمصالح الناس، ولهذا كما قال”قاتلنا قتالا حقيقيا لإصدار قانون لتصبح مراكز المحافظات قادرة على امتلاك جهاز خاص بها للتنظيم المدني، وقد صدق هذا القانون باللجان المشتركة، وقبل 17 تشرين الاول سيقر في جلسة عامة للمجلس النيابي.

وشدد الفرزلي على أن مسألة البلديات وتعزيزها وتأمين مواردها ورفدها بأكبر كمية ممكنة من الاموال ومن الصلاحيات، ليست فقط مسألة تقنية وادارية ومالية وانمائية إنما هي مسألة تتعلق بالامن السياسي لاي نظام واي دولة.

القاضي ايلي معلوف

وكانت مداخلة للقاضي في ديوان المحاسبة ايلي معلوف الذي سيرأس خلال شهر أيلول دورة تنظم في بلدية زحلة “حول الادارة المالية للبلديات” فإعتبر أنه من الخطأ حصر الحديث بالرسوم والعلاوات البلدية، لأنها تفصيل صغير بموضوع مالي كبير بسلسلة قوانين صارت تقريبا مهترئة، ومر عليها الزمن، وتتعلق بالموازنة التخطيطية، وشق الموازنة لا يجب ان يخلط مع الحسابات والصفقات والرسوم.

وتطرق الى مسألة الصفقات والمشتريات، والفاتورة التي هي جزء من قانون متكامل عن كيفية الشراء وتحصيل القيمة الفضلى من المال الذي ينفق، كاشفا عن قانون للمشتريات ينظم الأمر، والبلديات مشمولة فيه كما كل المؤسسات العامة…

ونصح البلديات بأن لا تطالب بعلاوات على الرسوم، مشيرا الى أن الدولة تعطي حصة من الضرائب التي تحصلها للبلديات، ومبدأ العلاوة يعني ضريبة اضافية، وهذه لن تستقيم. وعلى البلديات بأن يحافظوا على اخذ الحصة مما تفرضه الدولة.

وأشار الى أن طرق تحصيل الرسوم نقطة اساسية، والتنفيذ الالزامي صعب تطبيقه من قبل البلدية، ومن هنا يجب خلق طرق للتحصيل بشكل يشعر المواطن انه يجب ان يدفع من تلقاء ذاته.

وفيما يتعلق بالمحاسبة والتدقيق والرقابة، أكد أن لا رقابة مشددة على البلديات، والرقابة بالمعنى الاساسي والقانوني لا تمارس على البلديات، وخصوصا غير الخاضعة لديوان المحاسبة، والخاضع لديوان المحاسبة لا يشكوا من الامر، ذلك لأن ديوان المحاسبة، يقوم بإصلاح الاعوجاج قبل حدوث المخالفة، ويمنع بالتالي المعاقبة، وهذه الرقابة قانون له أصول ولا يمكن إخضاعه لأي نوع من أنواع الابتزاز.

وإعتبر ان الصندوق البلدي المستقل يحتاج الى دراسة حول كيفية تمويله وتوزيع الاموال على البلديات، وتحديد مواقيت الدفع والالتزام بها. داعيا المجتمعين لتوسيع مروحة المطالبات قدر المستطاع، حتى يصلوا الى أصغر الأمور التي يطالبون بها.