عن شخصيات زحلية ملأت صفحات تاريخ الإنتشار

لطالما تحدث الزحليون عن أياد لمغتربين ساهمت في مشاريع إجتماعية وإنسانية عديدة في المدينة.. ولفترة طويلة بقي الزحليون المقيمون يترقبون أخبار المنتشرين، يفرحون بنجاحاتهم، ويعتزون بسعيهم لبلوغ طموحاتهم. فكانت أخبار هؤلاء لا تغيب عن المدينة، كما لا تغيب أخبار المدينة عن بال المنتشرين…

أجيال تعاقبت على الهجرة،  لم يتراجع خلالها حماس الداخل للخارج، حتى دخلنا عالم التكنولوجيا الحديثة، ووسائل التواصل التي جعلت العالم قرية واحدة، لتظهّر صورة مجتمعات زحلية في بلدان الإنتشار، حافظت على الروابط بينها على رغم طول سنوات الغربة، وبقي نظرها دائما على المدينة وعلى موعد الإلتقاء بها مجددا.

بلدية زحلة- معلقة وتعنايل من خلال “جامعة الإنتشار الزحلي” أخذت المبادرة هذه السنة، وقررت أن تبحث عن أبنائها المنتشرين في مختلف أرجاء العالم. فنجحت فعلا بأن تجمع عددا منهم في “المؤتمر التأسيسي الاول للإنتشار الزحلي” تحت سقف المدينة، وقصرها البلدي تحديدا، بعد أن لاحظ رئيس البلدية أسعد زغيب كما يقول في جلساته الخاصة، متانة هذا الرابط الذي يجعل الزحلي يبحث عن الزحلي أينما وجد، ليخلقا معا بيئة تشبه ما حملوه في ذاكرتهم عن مدينتهم. تبلورت هذه العلاقات خصوصا في نواد زحلية، كعلامة متميزة لزحليين تنوعت اسباب غربتهم عن المدينة، تبعا للأحوال والظروف التي مرت بها زحلة ولبنان عموما، ولكن عقولهم وقلوبهم بقيت متعلقة بالمدينة..

42 شخصية زحلية ستجتمع من 15 الى 19 آب بضيافة جامعة الإنتشار الزحلي، وستعقد لقاءات وورش عمل، تبحث من خلالها في مستقبل المدينة والتطلعات لتطورها… هؤلاء لن يكونوا إلا النواة التي تتوجه من خلالها جامعة الإنتشار والبلدية الى الزحليين المنتشرين بالآلاف في مختلف أرجاء العالم…

لا شك أن المؤتمر التأسيسي سيسهم بتبادل المعلومات حول نجاحات المنتشرين الزحليين،  بحيث يسهل توثيق أسماءهم بشكل علمي، مهمة الباحث بتاريخ الإنتشار الزحلي، أبرز شخصياته ونجاحاتهم في عصرنا الحالي، بعدما وثقت صحف زحلية سابقا أسماء شخصيات لعبت دورا بارزا في الإنتشار، وتركت أثرها في مدينتنا، وفيما يلي بعض هذه الشخصيات:

الهجرة الى البرازيل

كانت البرازيل وجهة الهجرة الأولى للزحليين في أواخر القرن التاسع عشر، والتي تشير المعلومات الى أنه كان في طليعة المهاجرين الزحليين اليها كل من سليم وشاهين وملحم المعلوف، وفرحات الصدي، وديب هيكل النمر، الذين أقاموا في ريو دي جانيرو وساو باولو.

على رغم “الجفا” الذي ولده البعد، يذكر المؤرخون بأن المنتشرين الزحليين في البرازيل كانوا أول من أنشأ الاندية والجمعيات والمقاهي والمطاعم الزحلية، وكان النادي الزحلي الذي تأسس في سنة 1922 افخم هذه النوادي اللبنانية في البرازيل.

في البرازيل لمع الزحليون خصوصا بالتجارة  والصناعة، فيما إشتهر المعالفة بصناعة النسيج. فأسس اسكندر عيسى المعلوف مع شقيقيه الشاعرين فوزي وشفيق شركة الحياكة الحريرية والطبع والنقش ومعمل للكلسات النسائية بإسم فاما.

كما لمع اسكندر المعلوف الذي أسس النادي الرياضي اللبناني وبنى فندقا من 114 طابق في ساو باولو.

كذلك لمع قيصر المعلوف الذي طبع اول ديوان  له في ساو باولو، نشر في جريدة البرازيل سنة 1899. والتي أنشأها  بعد هجرته الى البرازيل سنة 1895 حيث ترأس أيضا اول نقابة صحافية عربية، كما كان اول قنصل للبنان في البرزيل.  وكان له الدور في نشر دواوين الاخوة شوقي وفوزي ورياض التي ذاع صيتها في البرازيل. علما ان آل المعلوف كان لهم الدور البارز في تأسيس النادي الزحلي في سان باولو

كان ظريف زحلة ولبنان نجيب حنكش، من الشخصيات الزحلية البارزة التي هاجرت الى البرازيل أيضا، حيث عمل في بداية إغترابه  بإحدى محطات الراديو الكبرى في سان باولو، مما ساعده على ايصال صوت الزحليين الى ذويهم في البرازيل، لدى القيام بالمشاريع الصحية كبناء مستشفى تل شيحا. وكانت اول “اسطوانة” عربية صنعت واذيعت في ساو باولو لنجيب حنكش…

وفي الشق الإقتصادي لمع هنري مقصود في الريو دي دجانيرو، بأعماله المتنوعة، وخصوصا ببنائه مطار ريو دي جانيرو، الى جانب أوتيل “مقصود” وثلاثة مبان أخرى سماها “النيل” “الامازون” و”البردوني”.

روبرتو وديع دواليبي، كانت عائلته اول عائلة لبنانية تهاجر الى ماتوغروسو شمال البرازيل، وقد تعاطت الملاحة  النهرية.

فايز زرزور  بنى مدرسة كبيرة تعنى بالاطفال المعوزين

أما في المجال السياسي فقد برز كل من:

 كارلوس جريصاتي بفوزه في أحد الانتخابات العامة بالنيابة الفدرالية وإختياره رئيسا لحزب العمال في مقاطعة سيارا

الفريد ابو زيد  عين وزيرا للداخلية والعدل وهو المركز الثاني في الدولة، وله عدة مؤلفات قانونية وأدبية

البيرتو معلوف  عين حاكما لولاية سان بازولو

ريكاردو عازار عين نائبا في سان باولو

اديسون خير عين سيناتور في البرازيل

شفيق القسيس عين قنصل لبنان الفخري في بيللو اوريزونتي

جوزف نكد قنصل لبنان الفخري في شمال البرازيل، وقد منحته الحكومة الفرنسية وساما رفيعا تقديرا لما اداه في تمتين اواصر الصداقة اللبنانية الفرنسية.

 جورج غزالي الذي عرف بعلاقته المميزة بالقادة والرؤساء البرازيليين، وقد كتبت احدى الصحف البرازيلية عن قربه من الرئيس البرازيلي.

الهجرة الى أميركا:

في نيسان 1884 كان اول تاريخ للهجرة الزحلية الى القارة الأميركية، وكان في طليعة المهاجرين حبيب ابو جوده

لم يكن نجاح الزحليين في القارة الأميركية اقل منه في البرازيل, اذ لمعت في هذه البلاد اسماء عائلات زحلية على مختلف الاصعدة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية. منها:

البروفيسور روبير جريصاتي من ابرز اطباء القلب في العالم، وقد ادار قسم القلب والشرايين في مستشفى كونيكتكت، وتناولت المجلات الطبية دراساته ومحاضراته بإهتمام واعجاب كبيرين.

 

المهندس اسعد زغيب الذي شارك في النهضة العمرانية في ماناغاو عاصمة نيكاراغوا. واشاد مبان بطريقته الخاصة ضد الزلازل، عرفت باسمه، وهي الوحيدة التي صمدت في المدينة بعد  زلزال ضرب تلك البلاد سنة 1972. وقد قام وفد من الاختصاصيين ومهندسين من الولايات المتحدة واليابان بدراسة هذه الظاهرة.

لقب أسعد زغيب بشيخ المغتربين في نيكاراغوا، وعين قنصلا فخريا فيها وقد خلف في المنصب إبنه جوزف.

العالم ايلي بغدادي الذي كان من المسؤولين في رحلة ابولو، اعتبر الاول بين اربعة من حيث المقدرة والعمق في علم الفضاء وسعة المعلومات والتطلعات والاراء. حيث استطاع ان يختصر عددا من تجهيزات المركبة الفضائية الإلكترونية بجهاز واحد وابتكر اجهزة تطور العلم الفضائي. شغل منصب رئيس شركة للتحاليل والابتكارات التي تنتج شبكات للالتقاط والارسال الالكتروني. كما انه صاحب شركة انتاج المكرو زادار التي تستخدم لمنع تصادم السيارات.

الدكتور ضاهر الراعي انتخب  عضوا عاملا في مجلس درس تطور الطب الحديث، ليمثل ولاية ميتشغن كلها في هذا المجلس الذي يضم خمسين ممثلا من الولايات المتحدة كما انه انتخب عضوا في مجلس نواب ميتشغن.

الدكتور فارس طنوس: برز بالجراحة العامة والامراض النسائية واكتشف دواء لحرارة العيون.

شعيا ريا: انشأ منتزها جميلا في بيوريا اطلق عليه اسم جارة الوادي واخذ يعد فيه كافة المأكولات والمشروبات الزحلية التي قدمها بدون مقابل.

الياس اسعد سكاف انتخب محافظا في  SOUTH CALIFORNIA

شاكر وديع عازار: فاز بمعركة انتخابية لرئاسة بلدية مدينة بكولورادو

سالم سابا: رئيس الجمعية الخيرية الزحلية في لوس انجلوس

كما برز في الشق التجاري كل من:

خليل جحا الذي كان اول تاجر زحلي ينشئ محلا في نيويورك.

جورج ورشيد زخور كانا صاحبي المتاجر الواسعة والاعمال الكبيرة في الولايات المتحدة وكندا. كما لمعت عائلات ابو جمرا والبردويل اللتين كانتا تتعاطيان التجارة وصناعة التطريز والدنتيل في نيويورك.

عائلة جريصاتي التي تعاطت تجارة وصناعة الالبسة النسائية والرجالية في فرجينيا

وكذك لمع مخايل فاخوري بالمجال نفسه في كاليفورنيا.

في كندا

اول المهاجرين الى كندا كان شخص من ال ابي نادر سنة 1884، تبعته عائلات عدة منها عزيز الراعي، الطباع، ابو خالد، حمصي، مسلم، حداد، خوري، المعلوف، الشقية.

في كندا عرفت العائلات الزحلية بتعاضدها لمساعدة بعضها لتأمين المسكن والعمل والمال.

وكانت عائلة طباع ولا تزال من العائلات المعروفة، ومنها نجيب وفهد الطباع اللذين افتتحا محلا للأقمشة في مونتريال وسمياه “طباع ابناء عم” ، وجورج وفايز الطباع اللذين تعاطيا تجارة النسيج كرشيد نقولا الراعي، وابراهيم الياس الراعي، وخليل فارس الراعي، الذين اشتروا شركة الخياطة الأميركية الشهيرة في فانكوفر سنة 1913، واعطوها اسما جديدا هو “راعي وشركاهم.

علما أن عائلة الراعي قدمت أيضا في كندا “القنصل” خليل ابراهيم الراعي.

وقد برز من الزحليين أيضا في كندا القاضي البير المعلوف الذي عين عضوا في المحكمة العليا في الحكومة الكندية.

في أوستراليا:

كان اول زحلي هاجر الى أوستراليا سنة 1876 كان طانيوس ابو خطار. الا ان الهجرة الى اوستراليا بقيت فردية،  وقد تركز نشاط الزحليين هناك على التجارة والصناعة والخدمات وانشأوا المؤسسات الصناعية والحرفية التي توزعت بين سيدني وملبورن وكانت تعد من مصانع الدرجة الاولى.

من التجارة إنخرط زحليون منتشرون في اوستراليا بالشأن العام كجورج سكاف الذي كان رئيس الجمعية اللبنانية في سيدني. وليم المعلوف الذي اختير مختارا في مدينة كونابارابيان.

وفي مجال السياسة لمع كل من المحامي فيليب معلوف، والمحامي اوجين الصايغ، وفرنك جحا الذي انتخب عضوا في البرلمان في تاسمانيا ملبورن.

وفي مجال الطب لمع جورج وجوزف وفوزي المعلوف الاخوة الثلاثة الذين برعوا في الطب. الى جانب نعمان عزر المعلوف.

هؤلاء ليسوا وحدهم، بل توزع الزحليون في تشيللي والمكسيك وفنزويلا والاوروغواي والارجنتين والشاطئ الذهبي والسنغال واثيوبيا ونيويلاندا،وفي كل منها تركوا أثارا..

أياد بيضاء في المدينة

ولم يكن الأمر، سهلا على الزحليين الذين كان عليهم تخطي عقبات كثيرة،  حتى تمكنوا من تحسين احوالهم…  وعندها نظروا الى مدينتهم وتركوا اثرا لا يقل اهمية عما خلفوه في البلد المضيف، ولم يتوانوا ضمن الإمكانيات المتاحة لهم عن المساهمة في نهضة مدينتهم العمرانية وازدهارها وتقدمها وانمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

ترك المغتربون أثرهم في أكثر من معلم بالمدينة، فكانت ولادة  حضانة الطفل التي تأسست سنة 1948 بأموال المغتريين وخصوصا المغترب نجيب زلاقط الذي قدم الدار.

بناء كاتدرائية سيدة النجاة ودار المطرانية للروم الكاثوليك وكاتدرائية مار نيقولاويس اضافة الى تشييد تمثال سيدة زحلة والبقاع.

بناء مستشفى تل شيحا ومأوى العجزة التابع له والذي دشن سنة 1954 بفضل المغترب جورج المعلوف من البرازيل الذي صادف وجوده في زحلة اثناء التشييد فتبرع بكافة الاكلاف المترتبة لانطلاقة المشروع.

منتشرون زحليون يشاركون ببحث مستقبل مدينتهم بين 15 و19 آب…BACK TO ZAHLE BACK TO AHLE

أطلقت جامعة الإنتشار الزحلي ZAHA مؤخرا حملة عبر صفحتها على فايسبوك شعارها “BACK TO ZAHLE BACK TO AHLE”  و “BACK TO THE ROOTS BACK TO ZAHLE” تمهيدا لمؤتمر الإنتشار الزحلي الذي سينعقد في المدينة برعاية ودعم من بلدية زحلة – معلقة وتعنايل من 15 الى 19 آب الجاري.

تأسست جامعة الإنتشار الزحلي بمبادرة من رئيس بلدية زحلة – معلقة وتعنايل أسعد زغيب، من مجموعة من الزحليات والزحليين، أرادوا بلورة فكرة لربط زحلة المقيمة بزحلة الإنتشار، إنطلاقا من قناعة بأن زحلة ليست فقط مكان ولادة وإنتماء، بل هي ثقافة حياة نعيشها يوميا في تصرفاتنا وعاداتنا وتفكيرنا أينما وجدنا في رحاب العالم. زحلة المدينة الحديثة التي استطاعت أن تفرض مكانتها سريعا، وصارت ركيزة أساسية في بناء الوطن، كما أن الإنتشار الزحلي هو ركيزة أساسية لحضور لبنان في العالم. وزحلة ماض وحاضر في آن معا، والتاريخ يضج بها، بكتابها بروادها ويرتبط بحاضرها، وطاقات شبابها. وهي رواية إنسانية تحبك كرامة الذات في المدينة، مع كرماء النفس في الإنتشار، إن إنقطع الحبل تيتم المغترب وأضاع المقيم الإبن النبيل..”

إنطلاقا من هذا الوصف الذي يلخص ولادة جامعة الإنتشار الزحلي، والذي ورد في  رسالة معايدة أرسلها رئيس البلدية الى منتشرين زحليين في العالم بنهاية العام 2018، إنطلقت الجامعة في عملها، فعقدت سلسلة إجتماعات ولقاءات وأجرت عدة إتصالات، حتى نجحت أخيرا في تحديد موعد لجمع عدد من الزحليين تحت سقف المدينة، وقصرها البلدي الذي سيشهد على مدى يومين متتاليين ورشتي تفاعل بين المنتشرين والمقيمين، تحاول الخروج بخطة عمل تمتن الروابط الزحلية، وتجعل كل الزحليين اينما وجدوا شركاء في إنماء مدينتهم وتطورها.

لقاء بين الأغصان والجذع

يصف عضو المجلس البلدي وجامعة الإنتشار الزحلي ميشال ابو عبود التجاوب الذي لقيته الجامعة في أول لقاء ستعقده مع منتشرين زحليين بالمفاجئ، خصوصا بعدما إكتشفنا أن الزحليين في الخارج لديهم هيكليات تنظيمية، هي كأغصان الأشجار التي كانت تبحث عن الجذع ليجمعها جميعا، فهناك جسم شبه منظم للزحليين في الخارج، ولكنه كان يحتاج الى ما يحضنه، وجاءت جامعة الإنتشار الزحلي لتسد هذا الفراغ، فشعر منتشرونا بالأمان، وصاروا تواقين لإستعادة علاقتهم بالمدينة التي لم تغب عن بالهم يوما.

وعليه فإن هذا الشوق للمنتشرين الزحليين الى مدينتهم وفقا لأبو عبود، سهل مهمة الجامعة في تحقيق هدفها الأول من ضمن الإمكانيات المتوفرة، وهو جمع خمسين شخصية من سيدات ورجالات زحليين، تم إختيارهم طبقا لحجم الجاليات الزحلية المنتشرة في بلدان العالم ومنها أميركا، كندا، البرازيل، استراليا، سويسرا، فرنسا، بلجيكا، دبي، ابو ظبي وغيرها. بحيث لم يكن التمثيل مقتصرا على النوادي الزحلية الموجودة في هذه البلدان، وإنما تم التواصل المباشر بشكل فردي مع بعض الشخصيات، وذلك بهدف الوصول الى اكبر شريحة من الزحليين المنتشرين بأقل عدد من المشاركة في المؤتمر، خصوصا أن المشاركين في المؤتمر الأول سيأخذون على عاتقهم نشر نتائج هذا المؤتمر، لتحفيز الزحليين على مزيد من التفاعل مع مدينتهم.

يلفت أبو عبو عبود، الى أن الجامعة كانت متفاجئة أيضا ببعض الشخصيات الزحلية، التي لم تكن معروفة بالنسبة لها، والتي تظهر النجاحات الزحلية في مختلف أرجاء العالم بمختلف المجالات السياسية والإجتماعية والإقتصادية، وبلوغ الزحليين مراكز متقدمة في البلدان التي ينتشرون فيها..

والى هؤلاء وجهت الدعوات للمؤتمر التأسيسي الأول، الذي يبدأ صباح الخميس في 15 آب الجاري، بمواكبة زحلية وإعلامية، تجعل ورشتي العمل المعقودتين في البلدية يومي الخميس والجمعة مفتوحتين للمشاركة أمام الزحليين المقيمين الراغبين بذلك، وأمام المغتربين الذين يزورون المدينة بشكل فردي، الى مشاركتهم بباقي نشاطات المؤتمر إذا رغبوا.

مداخلات وأهداف

ووفقا لأبو عبود فإن ورش العمل تتضمن مداخلة أساسية لرئيس البلدية أسعد زغيب يتحدث فيها عن زحلة بين الواقع والمرتجى، ومداخلة لرئيس الجامعة الدكتور امين عيسى، في شرح  لاهداف الجامعة ومبادئها وغاياتها في جمع شمل المنتشرين من الأصول الزحلية، تفعيل العمل التعاوني مع الإنتشار الزحلي على كافة المستويات، إستقطاب دعم الإنتشار لتنمية المجتمع الزحلي، القيام بنشاطات مشتركة لتفعيل حضور الإنتشار الزحلي محليا، تعزيز أواصر العلاقة بين الاجيال الناشئة في المغتربات وفي الداخل. وفي هذا الإطار أيضا سيبدأ التحضير لمخيم صيفي سنوي، لفتيان زحليين  تبدأ أعمارهم من 13 و14 سنة، حيث ستعمل الجامعة بالتعاون مع البلدية على إستضافة مجموعات شبابية سنويا، بحيث تمضي كل مجموعة اسبوعين على مدى ثلاث سنوات متتالية، في مخيم صيفي يجمعها بفتيان مقيمين من نفس العمر، فيقضي هؤلاء أسبوعا معا في المخيم الذي يتضمن نشاطات مختلفة ورحلات، ومن ثم تتم إستضافتهم أسبوعا آخر في منازل المقيمين.

كما ستكون مداخلات للمعنيين ببعض الأندية الزحلية ولا سيما نادي أنيبال، لما يمثله من طاقة رياضية تحتاج للدعم في المدينة، الى مداخلات  لأشخاص ناجحين بمجالات معينة ولزحليين وصلوا الى العالمية  وذلك بهدف ابراز النجاحات الزحلية في الداخل والخارج. على أن يتوج ذلك ببحث في اساليب التواصل بين الداخل والخارج، والحفاظ على العلاقات والروابط وتمتينها، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو غيرها من المنصات المتوفرة.

الى  جانب ورش العمل فإن برنامج المؤتمر سيتضمن ما يلي:

الخميس في 15 آب

غداء في دومان معقر مع استقبال تراثي

زيارة مقام سيدة زحلة .. مع شرح حول المقام.

مشاركة بمهرجانات زحلة الدولية

 عشاء على مقاهي البردوني…

الجمعة  16 آب يبدأ أيضا بورشة عمل  ويتضمن

 زيارة لغاردينيا غران دور وهنا يلفت أبو عبود الى أن هذه الزيارة الى جانب إضاءتها على مؤسسة ناجحة، تبرز اهتمام الجامعة بتشجيع قطاعات التصنيع الغذائي الذي يوفر فرص العمل للمزارعين والصناعيين والتجار.

كما يتضمن اليوم زيارة الى كاف كسارة المرتبط بتاريخنا وتراثنا في صناعة النبيذ والعرق،  وكأس نبيذ قبل نهاية اليوم  يفرح قلب الزائر في الكاف.

ليختتم اليوم بلقاء وعشاء في مصلحة الابحاث العلمية الزراعية. حيث تشكل تجربة المدير العام الدكتور ميشال أفرام نموذجا للجهد الزحلي المميز في القطاع العام، علما أنه في المصلحة سيكون حاضرا وزير الزراعة الذي يوزع الحشرات المفيدة على المزارعين، وستتم الإضاءة على مرحلة من التعاون في تشجيع السلامة الغذائية، من ضمن الجهود التي تبذل لتثبيت هوية زحلة مدينة عالمية مبدعة في صناعة الأكل من ضمن سلسلة المدن المبدعة التابعة للأونيسكو.

يوم السبت في 17 آب يتضمن:

زيارة لقلعة بعلبك مع استقبال شعبي فولكلوري

زيارة لمعمل شوكولا العتل، والذي تم إختياره للتعريف بصناعة زحلية نفخر بها، فبعد ان كانت زحلة تستورد الشوكولا المصنع، صارت الآن تصدره بفضل شركة العتل. وهنا نضيء على صناعات زحلية غير تقليدية.

دومان دو تورال سيستضيف الضيوف الى الغذاء وجولة في ال CAVE

ودومان تعنايل سيعرفهم الى مؤسسات اركانسييل التي تراعي الشروط البيئية بمختلف أوجهها.

 وسيكون هناك عشاء تراثي في خان المقصود.

أما برنامج يوم الاحد في 18 آب  فيتضمن

 قداسا في كاتدرائية سيدة النجاة…

وقت حر للضيوف.

 لقاء وحوار مع الإعلاميين يستمعون خلاله الى إنطباعات الزوار حول المدينة.

مشاركة على المنصة الرسمية لمهرجانات الزوهور

ووداع بعشاء رسمي مشترك مع كل المساهمين والرعاة لمهرجانات الكرمة السياحية في بارك جوزف طعمه سكاف البلدي.

جميع هذه النشاطات تنظمها جامعة الإنتشار الزحلي بدعم من بلدية زحلة، على أن تتكفل بنفقات الإنتقال من والى مطار رفيق الحريري الدولي، والتنقلات الداخلية وتكاليف الإقامة بالفنادق لمن يرغب بذلك من الضيوف.

لماذا تطالب بلدية زحلة بقانون يحولها بلدية كبرى زغيب: اتركونا نكبر.. وإذا أخطأنا حاسبونا…

حمل رئيس وأعضاء مجلس بلدية زحلة- معلقة وتعنايل الى السراي الحكومي في 29 تموز الجاري، مطلبا شكل أولوية بالنسبة للمدينة منذ فترة: “إقرار قانون في مجلس النواب يجعل من بلدية زحلة بلدية كبرى، أسوة ببلديتي بيروت وطرابلس”

المطلب نفسه ذكره رئيس البلدية اسعد زغيب في كلمته أمام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال تدشينه للقصر البلدي بعد إعادة تأهيله في 26 تموز، حيث قال:”ان الأمانة التي نحملها في بلدية زحلة غالية جدا، وكي نحافظ عليها ونسلمها إلى الاجيال المقبلة، نطلب بكل محبة رعايتكم ودعمكم الدائم لنا. ان لبنان كان بحاجة الى زحلة منذ 100 عام كي يصبح كبيرا، ويومها لبت المدينة النداء وولد لبنان الكبير. واليوم، تطلب زحلة من لبنان أن يلبي النداء لتصبح بلديتها كبيرة، وهي تملك كل المقومات اللازمة لذلك. ولذلك، نطلب من فخامتكم الدعم لنحقق معا هذا الحلم، في عهدكم.”

فماذا تعني “البلدية الكبرى”، وهل لها علاقة بحجم المدينة وعدد سكانها،  وما هي “الحوافز” التي ستنالها زحلة بتحول بلديتها الى كبرى، وما هي الخطوات العملية التي يجب إتباعها لبلوغ هذا الهدف؟

 فيما يلي شرح رئيس البلدية المهندس أسعد زغيب:

بالأساس لا يميز قانون البلديات المطبق حاليا في لبنان بين مدينة كبيرة وصغيرة، انما هناك استثناء لبلديتي بيروت وطرابلس، اللتين تحولّتا بلديتين كبرتين بموجب قانونين منفصلين صدرا عن مجلس النواب،ما منحهما إستقلالية إدارية في  تنظيمهما المدني، بمعنى إعطاء رخص البناء، ووضع دفاتر الشروط للمشاريع ودراستها وتلزيمها، من دون أن تعلقا في “الروتين الإداري” الذي يفرض على بلدية زحلة حاليا في كل ملف يرسل الى دوائر التنظيم المدني المركزية.

فيقول زغيب: هذا هو هدفنا الأساسي من خلال المطالبة بضم زحلة الى بيروت وطرابلس في تصنيفهما بلديتين كبرتين، وهو أن نتحرر من الروتين الإداري، الذي يعيق ملفات زحلة، ويؤخر تنفيذها. لأن بلدية زحلة التي تتعاقد في مشاريعها الموضوعة، مع أكثر المكاتب الهندسية جدارة، وأكفأها بمجالات التخصص، ومع مهندسين مصنفين من قبل الدولة اللبنانية فئة أولى، تواجه عرقلة من قبل جهة أقل كفاءة في التنظيم المدني، تعيق عملنا، وتؤخر المشاريع لأشهر طويلة، تماما كما حصل في ملف تزفيت الطرقات الذي أرسل الى التنظيم المدني في شهر آب من سنة 2016 ليعاد بعد دراسته في شهر اذار من سنة 2018  وتتأخر الأعمال بسبب المهلة التي يستغرقها التلزيم الى السنة الحالية.

في القوانين العامة لا سلطة للتنظيم المدني على البلديات، بل هي تخضع مباشرة لوصاية المحافظ ولمراقبة ديوان المحاسبة، فيما توقيع التنظيم المدني على الملفات لا قيمة قانونية له. إلا أن ما يواجهنا حاليا، هو أن محافظ البقاع يقوم بإرسال كل ملف يحول إليه الى التنظيم المدني للموافقة على الشروط الفنية، وبعد أن كان البت بهذه الملفات في عهد مدير دائرة البقاع السابق المهندس روجيه الحاج شاهين يتم مباشرة في زحلة، حيث تعاد الينا خلال أسابيع، صارت تحول الى الدوائر المركزية، وهناك يصبح الملف وكأنه دخل في نفق مظلم لا إمكانية للخروج منه.

هذه المعاناة جعلتنا نبحث عن الحلول الممكنة. ولزحلة في الأساس كل المقومات التي تسمح لها بأن تكون مسؤولة عن تنظيمها المدني، ولها أيضا الحق المادي بذلك، فهي أكبر بلديات لبنان من حيث الحجم، وأكبر حتى من بيروت وطرابلس اللتين حظيتا برعاية سياسية سمحت بتحولهما بلديتين كبرتين، كما أنها أكبر المدن من حيث عدد المواطنين الذين تعنى بخدمتهم، وهي تضم نحو 180 الف نسمة لا يمكن التقصير معهم بإنتظار أن يوقع التنظيم المدني على ملفاتنا.

كما أن بلدية زحلة قادرة على إحتضان دوائر التنظيم المدني في مقرها، بعد أن توفرت المساحات الكافية لذلك في القصر البدي بعد تأهيله، بحيث أنه يمكننا مع الوقت أيضا كما يقول زغيب “أن نحتضن الدوائر العقارية ودائرة المساحة”. مضيفا: كل ما يهمنا  ان نرتاح ونريح المدينة من هذه العرقلة الروتينية لملفات تتعلق بالخدمة الانمائية المباشرة للمواطن.

والتحرر من بيروقراطية الإدارة المركزية في التعاطي مع ملفات المدن، لا يعفي بلدياتها كما يؤكد زغيب  من المسؤوليات، بل يبقى عملنا خاضعا للمحاسبة العامة ولرقابة ديوان المحاسبة، الذي يتعامل بذكاء كبير مع ملفاتنا، بحيث لا تستغرق دراستها  أكثر من أسبوعين في الديوان، لما توفره بلدية زحلة من أرقام شفافة ساهمت في بناء نوع من الثقة بمجلسها .

أما تحقيق هذا المطلب كما يشرح زغيب فيتم من خلال إقراره قانونيا في مجلس النواب. علما أنه أدرح كإقتراح قانون من قبل النائب السابق جوزف المعلوف، وعاد وقدم الإقتراح النائب جورج عقيص في ولاية المجلس الحالي، فوضع بداية من ضمن تشريع الضرورة، ولكنه عاد وسحب من بين المشاريع المقترحة، من دون أن يتبين سبب لذلك سوى أنه هناك توجه من قبل كتل نيابية لتقديم طلب زحلة مع  سلة من البلديات الأخرى. ولكننا لسنا معنيين بكل ذلك، وما نريده أن نأكل العنب، وأن نحرر زحلة من هذه العرقلة الإدارية لملفاتها في دوائر التنظيم المدني، لأنه بمعزل عن اللامركزية الإدارية التي يحتاج تحقيقها الى توافق سياسي، فإننا قادرون في زحلة ولنا الحق بأن نتحرر إداريا من ناحية التنظيم المدني.

ويختم زغيب نحن نريد أن نكبر، اتركونا نكبر … ونحاول السير وحدنا، لنتعلم المشي، أما إذا أخطأنا فحاسبونا..

لماذا تطالب بلدية زحلة بقانون يحولها بلدية كبرى زغيب:  اتركونا نكبر.. وإذا أخطأنا حاسبونا…

حمل رئيس وأعضاء مجلس بلدية زحلة- معلقة وتعنايل الى السراي الحكومي في 29 تموز الجاري، مطلبا شكل أولوية بالنسبة للمدينة منذ فترة: “إقرار قانون في مجلس النواب يجعل من بلدية زحلة بلدية كبرى، أسوة ببلديتي بيروت وطرابلس”

المطلب نفسه ذكره رئيس البلدية اسعد زغيب في كلمته أمام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال تدشينه للقصر البلدي بعد إعادة تأهيله في 26 تموز، حيث قال:”ان الأمانة التي نحملها في بلدية زحلة غالية جدا، وكي نحافظ عليها ونسلمها إلى الاجيال المقبلة، نطلب بكل محبة رعايتكم ودعمكم الدائم لنا. ان لبنان كان بحاجة الى زحلة منذ 100 عام كي يصبح كبيرا، ويومها لبت المدينة النداء وولد لبنان الكبير. واليوم، تطلب زحلة من لبنان أن يلبي النداء لتصبح بلديتها كبيرة، وهي تملك كل المقومات اللازمة لذلك. ولذلك، نطلب من فخامتكم الدعم لنحقق معا هذا الحلم، في عهدكم.”

فماذا تعني “البلدية الكبرى”، وهل لها علاقة بحجم المدينة وعدد سكانها،  وما هي “الحوافز” التي ستنالها زحلة بتحول بلديتها الى كبرى، وما هي الخطوات العملية التي يجب إتباعها لبلوغ هذا الهدف؟

 فيما يلي شرح رئيس البلدية المهندس أسعد زغيب:

بالأساس لا يميز قانون البلديات المطبق حاليا في لبنان بين مدينة كبيرة وصغيرة، انما هناك استثناء لبلديتي بيروت وطرابلس، اللتين تحولّتا بلديتين كبرتين بموجب قانونين منفصلين صدرا عن مجلس النواب،ما منحهما إستقلالية إدارية في  تنظيمهما المدني، بمعنى إعطاء رخص البناء، ووضع دفاتر الشروط للمشاريع ودراستها وتلزيمها، من دون أن تعلقا في “الروتين الإداري” الذي يفرض على بلدية زحلة حاليا في كل ملف يرسل الى دوائر التنظيم المدني المركزية.

فيقول زغيب: هذا هو هدفنا الأساسي من خلال المطالبة بضم زحلة الى بيروت وطرابلس في تصنيفهما بلديتين كبرتين، وهو أن نتحرر من الروتين الإداري، الذي يعيق ملفات زحلة، ويؤخر تنفيذها. لأن بلدية زحلة التي تتعاقد في مشاريعها الموضوعة، مع أكثر المكاتب الهندسية جدارة، وأكفأها بمجالات التخصص، ومع مهندسين مصنفين من قبل الدولة اللبنانية فئة أولى، تواجه عرقلة من قبل جهة أقل كفاءة في التنظيم المدني، تعيق عملنا، وتؤخر المشاريع لأشهر طويلة، تماما كما حصل في ملف تزفيت الطرقات الذي أرسل الى التنظيم المدني في شهر آب من سنة 2016 ليعاد بعد دراسته في شهر اذار من سنة 2018  وتتأخر الأعمال بسبب المهلة التي يستغرقها التلزيم الى السنة الحالية.

في القوانين العامة لا سلطة للتنظيم المدني على البلديات، بل هي تخضع مباشرة لوصاية المحافظ ولمراقبة ديوان المحاسبة، فيما توقيع التنظيم المدني على الملفات لا قيمة قانونية له. إلا أن ما يواجهنا حاليا، هو أن محافظ البقاع يقوم بإرسال كل ملف يحول إليه الى التنظيم المدني للموافقة على الشروط الفنية، وبعد أن كان البت بهذه الملفات في عهد مدير دائرة البقاع السابق المهندس روجيه الحاج شاهين يتم مباشرة في زحلة، حيث تعاد الينا خلال أسابيع، صارت تحول الى الدوائر المركزية، وهناك يصبح الملف وكأنه دخل في نفق مظلم لا إمكانية للخروج منه.

هذه المعاناة جعلتنا نبحث عن الحلول الممكنة. ولزحلة في الأساس كل المقومات التي تسمح لها بأن تكون مسؤولة عن تنظيمها المدني، ولها أيضا الحق المادي بذلك، فهي أكبر بلديات لبنان من حيث الحجم، وأكبر حتى من بيروت وطرابلس اللتين حظيتا برعاية سياسية سمحت بتحولهما بلديتين كبرتين، كما أنها أكبر المدن من حيث عدد المواطنين الذين تعنى بخدمتهم، وهي تضم نحو 180 الف نسمة لا يمكن التقصير معهم بإنتظار أن يوقع التنظيم المدني على ملفاتنا.

كما أن بلدية زحلة قادرة على إحتضان دوائر التنظيم المدني في مقرها، بعد أن توفرت المساحات الكافية لذلك في القصر البدي بعد تأهيله، بحيث أنه يمكننا مع الوقت أيضا كما يقول زغيب “أن نحتضن الدوائر العقارية ودائرة المساحة”. مضيفا: كل ما يهمنا  ان نرتاح ونريح المدينة من هذه العرقلة الروتينية لملفات تتعلق بالخدمة الانمائية المباشرة للمواطن.

والتحرر من بيروقراطية الإدارة المركزية في التعاطي مع ملفات المدن، لا يعفي بلدياتها كما يؤكد زغيب  من المسؤوليات، بل يبقى عملنا خاضعا للمحاسبة العامة ولرقابة ديوان المحاسبة، الذي يتعامل بذكاء كبير مع ملفاتنا، بحيث لا تستغرق دراستها  أكثر من أسبوعين في الديوان، لما توفره بلدية زحلة من أرقام شفافة ساهمت في بناء نوع من الثقة بمجلسها .

أما تحقيق هذا المطلب كما يشرح زغيب فيتم من خلال إقراره قانونيا في مجلس النواب. علما أنه أدرح كإقتراح قانون من قبل النائب السابق جوزف المعلوف، وعاد وقدم الإقتراح النائب جورج عقيص في ولاية المجلس الحالي، فوضع بداية من ضمن تشريع الضرورة، ولكنه عاد وسحب من بين المشاريع المقترحة، من دون أن يتبين سبب لذلك سوى أنه هناك توجه من قبل كتل نيابية لتقديم طلب زحلة مع  سلة من البلديات الأخرى. ولكننا لسنا معنيين بكل ذلك، وما نريده أن نأكل العنب، وأن نحرر زحلة من هذه العرقلة الإدارية لملفاتها في دوائر التنظيم المدني، لأنه بمعزل عن اللامركزية الإدارية التي يحتاج تحقيقها الى توافق سياسي، فإننا قادرون في زحلة ولنا الحق بأن نتحرر إداريا من ناحية التنظيم المدني.

ويختم زغيب نحن نريد أن نكبر، اتركونا نكبر … ونحاول السير وحدنا، لنتعلم المشي، أما إذا أخطأنا فحاسبونا..

26 تموز 2019 تاريخ يحفر في القصر البلدي زغيب: زحلة تولد كم جديد 

26 تموز من سنة 2019 تاريخ يسجل في عمر قصر بلدية زحلة،  ويحفظ في لوحة تذكارية تؤرخ لإعادة تدشين القصر بعد تأهيله، برعاية وحضور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

يدا بيد مع رئيس بلدية زحلة –معلقة وتعنايل أسعد زغيب، وزيرة الداخلية ريا الحسن، ووزير الخارجين والمغتربين جبران باسيل أزاح عون الستار، ليدخل الى الباحة الداخلية وسط تصفيق الجمهور، وعلى وقع النشيد الوطني اللبناني وأغنية طلوا حبابنا طلوا التي أداها كورال عنقود بقيادة روزي غره.

وكان أبرز الحاضرين: نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب، وزير البيئة فادي جريصاتي، ووزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد، والنواب: غازي زعيتر، عاصم عراجي، سليم عون، علي المقداد، جورج عقيص، هنري شديد، قيصر معلوف، محمد القرعاوي، جميل السيد، ميشال ضاهر، بكر الحجيري، ادي دمرجيان، وروجيه عازار، رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام درويش، مراعي الأبرشية المارونية المطران جوزف معوض،  مطران زحلة للسريان الأرثوذكس مار يوستينوس بولس سفر، متروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران أنطونيوس الصوري، رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف، اضافة الى وزراء ونواب سابقين، وكبار موظفي الدولة، وقضاة، وعدد من رؤساء الهيئات الرقابية، وعدد من رؤساء البلديات والمخاتير

بعد كلمة لعريفة الإحتفال المدير العام كريستين زعتر توالت الكلمات،

فأعرب رئيس البلدية بفرحه بزحلة العروس  التي رآها ترتدي أبهى وأجمل حلة لديها لتستقبل رئيس الجمهورية، وتؤكد أن هذا المنزل كان وسيبقى منزلكم، بيت الكرامة والشهامة، بيت الكرم والجود. إن زيارتكم الى بيتكم هذا مباركة، فهو الذي كان على مر التاريخ مقصدا ومحجا لكل انسان اراد التمرد على الظلم والطغيان، وتحول الى مربى الاسود ودار السلام”.

وتابع: “ها هي زحلة اليوم تولد من جديد، وتعيد الاعتبار الى كل فرد فيها، وتعطي لكل صاحب حق حقه، وتكتب صفحات جديدة من تاريخها المجيد بأحرف من نور وثقافة وانفتاح وبالطبع انماء. نحتفل اليوم مع فخامتكم بإعادة ترميم القصر البلدي الزحلي، هذا المبنى التاريخي الذي يدل على عراقة المدينة واهلها، استطعنا المحافظة على اصالته، وحولناه في الوقت نفسه الى مبنى اخضر Green Building. كما جعلنا منه مكانا لخدمة ابناء المدينة، وبات بإمكان ذوي الاحتياجات الخاصة اكمال معاملاتهم بأنفسهم، وان يصبحوا موظفين في البلدية. وقريبا، ستتحول البلدية الى النظام الالكتروني E- Municipality”.

واوضح “إن أساس عملنا مبني على رؤية واضحة، وعلى عشق لمدينتنا وشغف بالعمل والانتاج. لقد ورثنا عن اسلافنا قسما كبيرا من المشاكل، وهدفنا ألا نورث اولادنا صعوبات، بل تسليمهم مدينة نظيفة وعصرية يمكنهم الافتخار بها. لقد دفعت زحلة ثمنا كبيرا في الحرب اللبنانية، وكانت النتيجة انهيارا اقتصاديا وتراجعا عمرانيا وتدهورا مالياً، والاسوأ كان تباعدا ثقافيا وشبه انفصال عن محيطها، وهذا ما دفعنا الى خلق جو جديد من الانفتاح والتفاعل مع اهلنا في الوطن. وتوجنا مسيرتنا الوطنية بإقامة مباريات ثقافية بين الطلاب من مختلف الطوائف والمذاهب والمناطق ضمن القضاء من اجل تفاعل حضاري ثقافي وتكوين جيل وطني يحب لبنان وينتمي اليه اولا وقبل كل شيء”.

وقال: “إن همنا هو همكم، فخامة الرئيس، وهدفنا هو هدفكم، ولبنان الذي تطمحون اليه هو لبناننا وحلمنا، وندرك أن همكم هو ربط البقاع ببيروت ضمن شبكة طرقات مميزة، وهذا هو مطلبنا ايضا. كما ندرك أن من همومكم وجود مبنى جامعي للجامعة اللبنانية في زحلة، يجمع كل ابناء البقاع في قلب البقاع، وهذا هو مطلبنا ايضا. ندرك سعيكم الى وجود ملاعب رياضية في المدينة تجمع شبابنا واولادنا من كل المناطق والطوائف، وهذا هو مطلبنا ايضا”.

أضاف: “فخامة الرئيس، إن الامانة التي نحملها في بلدية زحلة غالية جدا، وكي نحافظ عليها ونسلمها إلى الاجيال المقبلة، نطلب بكل محبة رعايتكم ودعمكم الدائم لنا. ان لبنان كان بحاجة الى زحلة منذ 100 عام كي يصبح كبيرا، ويومها لبت المدينة النداء وولد لبنان الكبير. واليوم، تطلب زحلة من لبنان أن يلبي النداء لتصبح بلديتها كبيرة، وهي تملك كل المقومات اللازمة لذلك. ولذلك، نطلب من فخامتكم الدعم لنحقق معا هذا الحلم، في عهدكم.

الوزيرة ريا الحسن

الوزيرة ريا الحسن أيضا بدت عالمة بكل تفصيل من تفاصيل عملية إعادة التأهيل التي خضع لها القصر البلدي، وفي هذا الإطار قالت:”من زحلة القديمة، كما تسمونها، تولد اليوم لزحلة بلدية جديدة، عصرية شكلا ومضمونا، معماريا كما إداريا. تحت قرميد هذا المبنى التراثي الذي يروي قصة تطور العمل البلدي، في عروس البقاع وفي لبنان كله، وبحجارة هذا السراي، التي تحمل تاريخا عريقا منذ اول “قوميسيون بلدي”، في القرن التاسع عشر، تضع زحلة لنفسها مداميك إدارة بلدية تنتمي كليا إلى القرن الحادي والعشرين، فالتسهيلات المتوافرة للمواطنين والمراجعين في القصر البلدي الجديد والتصميم المدروس لمسار المعاملات، سيجعلان الخدمات تنساب كمياه البردوني. ومن أهم الإنجازات في المبنى الجديد، أنه أخذ في الاعتبار تسهيل حركة ذوي الاحتياجات الخاصة، مما يتيح لهم إتمام معاملاتهم بأنفسهم، ويفتح الباب أمام توظيف هؤلاء في البلدية. وأود هنا أن أنوه بحرص البلدية على هذا الجانب، وهو نموذج ينبغي أن يتعمم على كل المقار الرسمية، المركزية والمحلية. كما أن المبنى بات يتمتع بمواصفات صديقة للبيئة، في مجالي التدفئة والتبريد، ويعتمد على الطاقة الكهربائية البديلة، وهذا أيضا ما يجب أن يكون في كل الدوائر الرسمية”.

وتابعت: “لقد كان هذا السراي طويلا مقرا لكل الإدارات الحكومية في زحلة، وحتى للسجن. واليوم، أصبح بأكمله مقرا للبلدية وحدها، وهذا يرمز بلا شك إلى الأهمية المتزايدة للبلديات، التي تعتبر المحرك الاساسي لتحقيق التنمية المحلية. ولذلك، تلقى البلديات دعما من المجتمع الدولي والجهات المانحة، في مسعى إلى تعزيز قدراتها وتمكينها من مواجهة كل التحديات في مجال التنمية من جهة، ومساعدتها على التخفيف من وطأة النزوح السوري من جهة ثانية. وبلدية زحلة اختبرت هذا النوع من الدعم، الى جانب بلديات اخرى، من اجل تطوير عمل وحدات الشرطة البلدية التابعة لها، لمواءمة عملها مع احتياجات المجتمع في زحلة”.

هدية تذكارية

وفي ختام الاحتفال، قدم رئيس البلدية هدية تذكارية هي كناية عن منحوتة تمثل العذراء مريم والسيد المسيح للفنان رودي رحمة.

عن قصر رزق (اوتيل أميركا سابقا) الذي وصفه رئيس بلدية زحلة بتحفة فنية

خلال رعايته لمعرض “الفن التشكيلي” في “ٌقصر رزق” مساء الأحد وصف رئيس بلدية زحلة- معلقة وتعنايل أسعد زغيب هذا البيت “بالتحفة الفنية” منوها بضرورة تسليط الأضواء عليه لما له من قيمة تراثية.

وبيت “رزق” ليس وحده الذي يشكل تحفة فنية في هذا الشارع المطل على حديقة الممشية في زحلة، والذي يسمى بشارع البرازيل، فمفرحة أيضا الورش النشيطة التي بدأت منذ اوئل سنة 2016 لبيوت كانت تتداعى على هذا الشارع، بحيث قطع ترميم مبنى يعتقد انه الأقدم بين جيرانه، شوطا كبيرا، بعدما انتقلت ملكيته الى السيدة روزيت مطران، وهي سيدة زحلية تبوأت مراكز مهمة في اهم المصارف الفرنسية. ليتكامل المشهد مع “النفضة الشاملة” التي خضع لها منذ بداية سنة 2010 المبنى الذي لا يزال يعرف ب “اوتيل اميركا” بعدما انتقلت ملكيته من ورثة ابرهيم توما فرح الى ماغدا وعبدالله رزق منذ سنة 2007. ومع عمليات ترميم فردية لبيوت  في الابنية المجاورة.

كانت هذه البيوت قد نشأت في فترة زمنية متقاربة بين اواخر القرن الثامن عشر واوائل التاسع عشر، اي قبل شق بولفار المدينة الى مقاهي الوادي، لتتماهى لاحقا مع إطارها الذي إستكمله تشييد اوتيل قادري الكبير في سنة 1912، واستحداث حديقة الممشية.

لا معلومات تاريخية كافية عن نشأة هذه البيوت وأصحابها الاوئل، سوى تلك التي تتوفر من خلال الدوائر العقارية، وما يتداوله الناس عن هذه البيوت وطرق إشغالها.  وكانت ماغدا رزق قد إشترت الملكية من ورثة انطوان توما فرح، الذي كان مغتربا زحليا في البرازيل، أنهى بناء منزله في سنة 1906، وفقا للافتة منحوتة على بابه، وكان يرغب ان يستقر فيه اولاده الثلاثة عندما يعودون الى لبنان. الا ان المبنى لم يستخدم للسكن اطلاقا، بل استثمر منذ نشأته كفندق، واكتسب شهرته اولا بإسم ” اوتيل اميركا” الذي اداره في البداية مخايل العبدي والد رئيس البلدية عزيز العبدي، وكان لهذا الفندق وفقا لمحفوظات الشاعر رياض المعلوف فرعا في ساحة البرج ببيروت. ومن ثم استثمر الفندق من قبل شخص من آل طرابلسي، وانتقل استثماره لشخص من آل ساسين، قبل ان يتوقف اشغاله نهائيا، ويدخل في مرحلة النسيان لفترة طويلة.

ليس الحفاظ على ملكية هذه البيوت التراثية سهلا.  نظرا لما تتطلبه هذه البيوت من عناية مستمرة، ولما يكبده ترميمها من كلفة عالية اذا ما تداعى. علما ان هذه المباني ليست مدرجة في الجردة التاريخية للبيوت الاثرية والتي تشمل البيوت المبنية قبل سنة 1730، وان كان هناك مذكرة قديمة تعود الى ستينيات القرن الماضي تقضي بالحفاظ على خصوصية هذه المباني التراثية ومنع هدمها. .

جماليا لا يمكن تفضيل بيت على آخر في الشارع. فلكل منه خصوصيته التي تميزه عن الاخر وتجعله يتكامل معه في الوقت نفسه. على ان الاهمية الاساسية لهذه البيوت تكمن في واجهاتها الحجرية المنحوتة، وسقف القرميد، الى خصوصية تقسيم البيت وقناطره الثلاثة التي تحدد موقع “الدار”  في كل منها. وهذا نموذج عن البيت اللبناني الذي نجده يتكرر في كل البيوت التي بنيت بتلك المرحلة، وان حاول البعض تمييزها، كما هو الحال في منزل آل رزق حاليا حيث نجد قنطرة واحدة، ولكنها تحمل تحتها التقسيم نفسه.

ويعتبر المهندسون النقش المتميز لمدخل منزل ماغدا رزق، واطار الحجر الغني بزخرفته، الأجمل في هذا الشارع، بالاضافة الى شرفاته الفريدة بإمتدادها والزخرفة على نوافذها والتي تظهر من الاسفل للأعلى، وتنوع هذه الزخرفة بين طابق وآخرـ وقد أضافت ماغدا رزق جمالية الى ذلك بتحويلها العقار المجاور الى حديقة، ويتضمن مواقف للسيارات وغرفة للسائق والناطور، وهذا ما يعطي المبنى قيمة مضافة.

كان هذا العقار يستخدم  في الماضي للنشاطات الكشفية والحركات الرسولية، وقد حافظت عليه فسحة خضراء ملاصقة للمنزل، صمم بطريقة بسيطة ليبقى الوهج للمنزل. ومن هذه الحديقة، تظهر “الممشية” امتدادا طبيعيا لها، وكأن تماثيل الشعراء استوطنوا في المنزل.

إستغرق إعادة ترميم “اوتيل اميركا” ليصبح “قصر رزق” ثلاث سنوات، لأن المهندسين لم يكونوا يملكون خرائطه، وبالتالي كانت هناك صعوبة في تحديد الحيطان الحاملة.

في المقابل فإن معظم البيوت الحجرية التي بنيت في مطلع القرن العشرين كما ورد في مقابلة مع المهندس نزار قرطاس في عدد لمجلة ” الروابي” منذ سنة 2016 كانت تتألف من ثلاث واجهات حجر بسماكة 60 سنتمتر للحائط، وحائط تراب بسماكة 60 سنتمتر ايضا. تشكل هذه الجدران الغلاف الذي يرتفع في وسطه حيطان تراب بسماكة 60 سنتمتر للحائط ايضا، يحمل كل منها “الرواطات الاساسية” اي جذوع الاشجار الكبيرة، وال  poutres اي العارضات الخشبية الاصغر حجما والقدد المتراصة جنبا الى جنب، فالقصب والقش واخيرا طبقة السرك او البحص الناعم الذي يفلش  ويغلف ليشكل ارضية  الطابق الاعلى.

هذه المدرسة القديمة في البناء، والتي كانت تولي اهمية للواجهة والطرف الشمالي للبيت، إعتمدت أيضا في منزل رزق، وبالتالي كان لا بد من تغييرات هنا ليظهر البيت وحدة قائمة من كل جوانبه.

بالداخل تم توريق البيت، لخسارته الحجر الجميل الذي يستحق التظهير. ومع الحرص على الحفاظ على عقلية تقسيمه القديمة، وجدت ايضا حاجة لادخال بعض التعديلات، ومن بينها استحداث القناطر التي تسمح بتسرب الضوء بشكل اكبر الى غرفه، ولا سيما تلك التي في خلفية المنزل.

كما أن استخدام البيت كفندق لفترة طويلة، لم يسمح بإستخدام “رواطات” الخشب التي بدت قديمة جدا في المنزل ، ولا بالاستفادة الكاملة من بعض تجهيزاته القديمة، كالبلاط، الذي لم يتمكن مالكوه الجدد من انقاذ سوى بعضه، استخدم لتزيين “البحرة” الوسطى في غرفة الجلوس وغرفة السفرة، فيما استحدث بلاط صخري في معظم ارجاء البيت الاخرى. اما قياسات النوافذ فبقيت على حالها، وكذلك قاعدتها العريضة والتي تظهر عرض الحيطان الحاملة للمنزل  وتؤمن لها العمق المتعارف عليه في البيوت التراثية، وعملت على نسخ النسق نفسه في تغيير مكان الباب المطل على الحديقة الخلفية لبيتها، وانما مع تغيير في مقاساته، كما مقاسات ابواب اخرى في البيت.

 خصص الطابق الارضي في دارة رزق لغرف استقبال الزوار وغرفة السفرة والمطبخ، ليضم الطابق الاول ثلاثة غرف نوم ومطبخ ايضا، فيما ترك الطابق الثاني مقفلا بعد ترميمه، ليكون قسما مستقلا يمكن الوصول اليه بواسطة مصعد الكهربائي.

هؤلاء هم رؤساء بلدية زحلة منذ نشوء القوميسيون البلدي سنة 1878 حتى يومنا هذا

مع إعادة تدشين القصر البلدي في زحلة نقلّب صفحات التاريخ على كيفية ولادة المجالس البلدية في زحلة، وإنتقالها من مرحلة القوميسيون الى مفهوم الإدارة المحلية المنتخبة ديمقراطيا.

فمنذ منتصف القرن التاسع عشر، خرج من زحلة رجال من مختلف الطوائف، ليطالبوا بإنشاء قوميسيون بلدي في المدينة أسوة بدير القمر، وبالفعل في 24 كانون الاول من سنة 1878 اتخذ مجلس إدارة البلاد القرار بذلك، لينشأ  أول قوميسيون بلدي في “قصبة” زحلة في اذار من سنة 1879، والذي بني في عهده “القصر البلدي” الذي تعيد زحلة تدشينه غدا، وقد تألف من: يوحنا فرح المعلوف، ناصيف جدعون، انطوان البريدي، مراد مسلم، يوسف جحا، حبيب العن، نعمه شمعون، امين شديد، ويوسف هاشم، وقد اشترع مجلس الادارة حينها قانونا اساسيا لبلدية زحلة بناء لطلبها، اصبح لاحقا قانون كل البلديات في لبنان حتى الانتداب.

كان للمجلس الاداري خلال فترة المتصرفية حق النظر في انشاء القوميسيونات البلدية ومراقبة اعمالها وقراراتها المستأنفة، الى تشريع تعليمات متعلقة بالبلدية وعملها وانتخاباتها. وكانت السلطنة العثمانية توافق على اعمال هذا المجلس الاداري الذي يديره المتصرف وفقا لمصلحتها.

اما مهمة القائمقام في البلديات فكانت الإشراف على ادارة القائمقامية وتأمين اتصالها بالادارة المركزية، كما كانت سلطته تنفيذية للقرارات البلدية

وهكذا تسلم القائمقام رئاسة البلدية في زحلة كما سواها من المناطق منذ سنة 1879 وحتى سنة 1903، حين اقر مبدأ الانتخاب البلدي، وصار رئيس القوميسيون ينتخب بعيدا عن سلطة القائمقام فصار للقوميسيون رئيسا يعينه المتصرف بموافقة الباب العالي.

  ليتعاقب على هذه المهمة قبل سنة 1903 كل من:  القائمقام حبيب العكاوي (1876-1882) القائمقام ملحم الشميل (1882-1884) القائمقام اسكندر حداد (1884-1891) القائمقام حبيب لطف الله (1891-1892) القائمقام الياس الباشا ( 1892-1895) القائمقام حبيب لطف الله (1895-1897) القائمقام الياس الباشا (1897 – 1900) القائمقام الياس الجاهل (1900-1903)

  في سنة 1903 جرى اول انتخاب لمجلس بلدية في زحلة، حيث خصص قائمقام القضاء يوما تنتخب فيه كل حارة في المدينة ممثليها، فأجريت الانتخابات بمراقبة كاهن كل رعية، بمعية مختارها، وحضور قائمقام زحلة ومفتش البلديات ونائب خاص انتدبه المتصرف لتمثيله. وقد جرى الانتخاب في السراي الحكومي، اي قصر بلدية زحلة حاليا، حيث كانت اسماء المرشحين الذين كانوا ثلاثة أضعاف المقترعين، فكان كل مقترع يرمي كرة بيضاء يعطيه اياها القائمقام امام الاسم الذي يختاره، وبناء عليه جاءت اسماء أول أعضاء منتخبين على الشكل التالي:

موسى جدعون والياس عبيد شمعون عن الموارنة

خليل الحاج شاهين وناصيف دموس عن الروم الارثوذكس

اسكندر المطران عن حارة سيدة النجاة

خليل ملحم مسلم عن حارة البربارة

مخايل غره ويوسف جريصاتي عن حارتي مار جرجس ومار مخايل

شاهين عازار وابراهيم الراعي عن حارة الراسية

عيسى عبيد وفارس سكاف عن حارة مار الياس

ليسمي المتصرف من بينهم خليل مراد مسلم رئيسا.

كان لهذا المجلس دورا كبيرا في المطالبة بضم الاقضية الاربعة قبل اعلان دولة لبنان الكبير، وقد وجه البرقية الاولى المطالبة بذلك الى الاستانة، وكذلك الف الوفود الى دار القنصلية الفرنسية بعد رحيل يوسف  فرنكو باشا.

سنة 1910 صدر القانون بالانتخابات الحرة والمباشرة لأعضاء القوميسيون ورئيس البلدية من بينهم.

ليتعاقب رؤساء البلديات منذ سنة 1903 وحتى يومنا هذا على الشكل التالي:

1903-1906 خليل مراد مسلم

1907-1912 اسعد غره

1912 د. سليمان فرح المعلوف الذي ما لبث ان قدم استقالته

1912-1913 وديع فرح المعلوف

1913-1914 وديع فرح المعلوف

1915-1917 عزيز مسلم

1917-1920 نجيب غره

1920 ندره جحا

1920-1922 ندره جحا

1922-1928 وديع فرح المعلوف

1928-1932 ندره جحا

1932-1934 شاهين المعلوف

1934-1937 شاهين المعلوف

1937-1942 ندره البردويل

1942-1947 وديع فرح المعلوف

1948-1952 شاهين المعلوف

1952-1957 د. نجيب فرح المعلوف

1958-1963 جوزف ساسين

1963-1985 عزيز العبدي

1985-1991 ميشال سابا

1991-1998 جوزف غره

1998 -2004 اسعد زغيب

2004 -2010 اسعد زغيب

2010- 2016 جوزف دياب المعلوف

2016 حتى يومنا هذا اسعد زغيب

قصر بلدية زحلة بين الماضي والمستقبل  

 

يؤرخ القصر البلدي الذي يدشنه رئيس الجمهورية في 26 تموز بعد إعادة تأهيله، لمراحل من تاريخ مدينة زحلة. وتدشينه في سنة 1888 توج واحداً من أبرز إنجازات أول “قوميسيون بلدي” تشكل في زحلة، بإلحاح من مجموعة من رجالات المدينة. ليصبح فعلياً أول دار حكومية بنيت كسراي، في وقت تمركزت “سرايات” المناطق الأخرى في قصور الأمراء.

تشير أبيات شعرية نصها الدكتور بشارة زلزل على المدخل غير الأساسي للقصر الى تاريخ إنجاز المبنى، في العام 1887، بعد خمس سنوات من العمل الشاق، حيث دشنه واصا باشا في العام 1888. وتذكر معلومات متقاطعة أن “القوميسون البلدي” أخذ بناء السراي على عاتقه، بعدما استدان مبلغاً من المال من المتصرفية، وشارك الأهالي في عملية التشييد وبقسط من النفقات.

في الضفة الجنوبية لنهر البردوني التي تعرف حالياً بـ”زحلة القديمة” بني السراي. وارتفع فوقه لاحقاً تمثال مقام سيدة زحلة، ليشكلا معاً “مشهدية مميزة” تُعرِّف بزحلة. ولأن طبيعة الأرض في هذا الطرف من الوادي كانت، كما يعرف الزحليون، معرضة للانزلاق بشكل دائم، يُروى أن أهالي المدينة أمنوا كميات من “الجرزون” (جذوع الدوالي الصلبة) وفلشوها أرضاً مع الصخور القاسية، بشكل أمن تصريف المياه قرب الأساسات، ومنع السراي من أن “يزحل” طيلة سنوات إرتفاعه.

عمرانياً، تعكس “فخامة” البناء، مرحلة اليسر التي عرفتها زحلة بعد استقبالها النازحين المسيحيين، الذين أمّوها من أنحاء سوريا تحت ضغط المضاعفات الخطيرة التي أنتجتها الحرب الروسية- العثمانية

وقد جاء بناء السراي متناسباً مع تطور العمارة الذي شهدته زحلة بعد حريقها في العام 1860، حيث سمح تدفق أموال المغتربين بإعادة بناء المدينة وفق طابع تميز بالقرميد الذي علا فوق الأسقف. وكان هناك دور في البناء الحجري لبعض المعماريين الذين جاؤوا من ضهور الشوير.

في الطابقين الارضي والاول ل “سراي زحلة القديم”  توزعت مختلف دوائر السلطة الرسمية في عهدي المتصرفية والانتداب الفرنسي، وصولاً إلى مرحلة ما بعد الإستقلال. ويذكر من شهدوا مرحلة خمسينيات القرن الماضي، أن المحافظة شغلت معظم غرف الطابق الأول، إلى جانب تخصيص غرف للمحاكم التي كانت تضج أحكامها في المقر. بينما شغل السجن الطابق السفلي بشكل مؤقت. أما البلدية فكانت تشغل الغرفة المخصصة للدائرة الإدارية حالياً، وكان مكتب رئيس البلدية ملاصقاً لها، وخصصت غرفة ثالثة للدائرة الفنية والهندسية.

بعد بناء السراي الحكومي الجديد وقصر العدل في خمسينيات القرن الماضي، صار القصر المقر الرسمي للبلدية دون سواها، ولم تغادره إلا لفترة قصيرة أثناء الأحداث التي ألمت بلبنان، وبقي السجن يشغل “مؤقتا” الطابق الأرضي.

عملية التأهيل الأولى التي خضع لها القصر كانت في عهد الرئيس الياس الهراوي بتسعينيات القرن الماضي، وقد تمت بتمويل كامل من مجلس الإنماء والإعمار، وسط حرص شديد على الحفاظ على طابعه التراثي للمبنى، مع اضافة مساحات خضراء إلى محيطه. فيما عملت البلدية على إعادة تجهيز المكان وفرشه على نفقتها، هكذا، وبعد ان كان اول مجلس بلدي  “مكلف” بتلك الفترة يواصل اجتماعاته في غرفة التجارة،  عاد إلى قواعده الأولى، مستعيناً بمطران المدينة حينها اندره حداد لمباركة أول لقاء عقد في المبنى البلدي الناهض من بين الركام، ليصبح اسم المقر منذ ذلك الحين “القصر البلدي“.

 بعد ان نجح المجلس البلدي الثاني الذي ترأسه أسعد زغيب بنقل السجن من الطابق الأرضي للقصر البلدي، من خلال تقديمه هبة للمديرية العامة لقوى الامن الداخلي، سمحت بإيجاد مقر بديل للسجن فيما كان يعرف سابقا بتعاونية البيض، خضع “القصر البلدي” لعلمية التأهيل التي تحتفل بها المدينة يوم الجمعة المقبل. وذلك بعد أن توسعت دوائر البلدية لتشغل كل المساحة الداخليةـ بحيث توزعت أقسامها على ثلاثة طوابق بدلا من طابقين على الشكل التالي:

في الطابق الارضي تجد  الدوائر التي هي على إحتكاك مباشر ويومي مع المواطنين. وتتوزع الغرف التي جرى تأهيلها على الشكل التالي: مكتب العلاقات العامة، الكافيتيريا، المحاسب،مكتب خدمة المواطن، مكتب امين الصندوق، قاعة زحلة،قاعة الكرمة، مكتب اللجان، مراقبو سلامة المواطن، الاجهزة الالكترونية، شرطة واستعلامات ومراقبو الاشغال.

يتوسط هذا الطابق مصعدين كهربائيين، احدهما مخصص لأصحاب الحاجات الخاصة الذين بات بإمكانهم التنقل بسهولة في ارجاء القصر. فيما وجدت البلدية إستخدامات ثقافية للباحة التي تتوسط هذه الغرف، بحيث باشرت الى إستضافة عدة نشاطات فيها منذ بداية العام الجاري.

في الطابق الأول تجد الى جانب مكتب رئيس البلدية ونائبه، الدوائر المالية والإدارية والهندسية للبلدية، قسم التحقق، وأمانة سر المجلس البلدي.

لنرتفع الى الطابق الثاني الذي جرى إستحداثه تحت قبة القرميد، والذي سيضم الى جانب قسم الأرشيف، دائرة الهندسة في المستقبل، بعد أن جرى تأهيل مكاتب تتسع لنحو 20 موظف إضافي فيها، بالتزامن مع الجهود التي تبذل مع السلطة المركزية لتحويل زحلة بلدية كبرى يمكنها ان تستقبل دوائر التنظيم المدني في مقرها، وتتخطى مشكلة الروتين الاداري الذي يؤخر تنفيذ الكثير من المخططات الموضوعة للمدينة.

عن تطور الكركة وتجهيزها بالعروس في زحلة… خليل النحاس أشهر صانعي الكركات وعيد الشويري آخرهم

عندما دخلت صناعة كركات العرق في مرحلتها السادسة بزحلة، إثر التعديلات التي أضيفت اليها إستنادا لتجارب إستخدامها، صار لل”كركة” صورة أخرى في ذهن الزحليين، إرتبطت بالتعديل الاخير الذي أضافوه عليها، وشكل واحدا من الخصوصيات التي ميزت صناعة العرق لأجيال لاحقة.

“العروس” صارت ركن أساسي من مكونات “كركة العرق بزحلة”، الى ان طوت نهائيا مرحلة تصنيعها، مع ابتكار الكركة التاسعة، وعلى اثر وفاة آخر مصنعي هذه الكركات قي المدينة عيد الشويري. علما انه في هذه المرحلة ولا سيما في سنة 1970  بدأ استيراد الكركة المركبة ذات القعرين، الفرنسية الصنع.

ظهرت العروس سنة 1920 على يد خليل ابرهيم النحاس، وهو من عائلة صغبينية بالأساس، إنتقلت الى زحلة على أثر المجاعة التي ضربت لبنان في أوائل الحرب العالمية الاولى، وأقامت بيتا وخمارة في حي مار الياس، ليمتهن خليل من بعدها صناعة النحاس، وينشئ معملا خاصا في حي الميدان الشرقي، إنتقلت شهرة الكركات التي صنعها الى الشرق الأوسط، ليحفر بتاريخ هذه الصناعة خصوصا بسبب إختراعه للعروس.

والعروس هي عبارة عن قسطل اصطواني وعامود  جهزت به الكركة، بفضلها تخلص العرق من كثير من الشوائب، وتم الحفاظ على نظافة الكركة التي تشكل عنصرا أساسيا من جودة نوعية العرق الذي إشتهرت به زحلة.

إستوحى الكرامة وفقا ليوسف المر في كتابه “العرق بداية الشغف…” من شكل هذه التجهيزات وموقعها في الخمارة ودورها في عملية التقطير،  وأعطوها أجمل وأغلى إسم في الحياة الإجتماعية، “العروس” نسبة الى العروس في يوم زفافهاـ

من حيث الشكل

 عروس “الكركي” اسطوانية الشكل، اي بالتعبير الشعبي جسم ممشوق جميل، بهي الطلعة، لا عيوب فيه كجسم العروس وقدها الممشوق.

قبع عروس “الكركي” الذي يغطي رأس العروس شبه بالطرحة

موقع زند العروس الذي يقع تحت رأسها شبه بزند العروس الممدود.

في المضمون

 عروس “الكركي” مصمودة في بئر الماء على مرتبة، اي درجة أعلى من مستوى أرض البئر تنتظر “الجلوة”، وهنا تعني نزع الاوساخ عنها. لتصبح براقة كالعروس.

وكما العروس الحقيقية مصمودة على المرتبة التي تبنى لمناسبة العرس من الخشب، أعلى من مستوى الدار، تلبس بالقماش الابيض، وتزين بالورد بانتظار “الجلوة”، والجلوة هنا تعني الاقوال التي تطلق على العروس.

عروس “الكركي” تبكي فيسيل من مزاربها عرق صاف عند “الشيل” او التقطير، كما تبكي العروس في جلوتها.

ثم تشال العروس، اي تحمل على الأكف لإنزالها عن المرتبة، كما يشال العرق الى مسكنه الجديد في الخوابي.

فأعطى الاهالي اجمل ما لديهم من استعارة لمفهوم العطاء وهو انتظار المولود الجديد. العروس وعرقها، والعروس وولدها.

بعد هذه الكركة اكتشف الخمرجية والنحاسون وفقا للمر فائدة تطويل “رقبة القبع” في جودة السبيرتو فجرى تطويرها بمزج بعض أجزائها الاوروبية مع  الكركة السادسة على الطريقة اللبنانية وكانت الكركة السابعة ، ليلغى القبع في الكركة الثامنة ويعاد زند وغطاء العروس، وتتم إستعادة هيكل الكركة السابعة في التاسعة مع إضافة الحية النحاسية والعروس معا في البئر. وقد أمنت هذه الكركة أقصى درجات التوفير بالمازوت، والوقت والتعب.

في عصرنا الحالي صمم الياس بطرس المعلوف من بلدة رياق وفقا لكتاب المر أحدث أنواع الكركات البيتية، وقد صنّعها نحاس من بلدة القلمون بعدما إنقرضت صناعة الكركات في زحلة بوفاة عيد الشويري سنة 1982.

هذه الكركة عرضت في يوم العرق اللبناني الأول الذي أقيم السنة الماضية، وقد جمعت بين التكنولوجيا الحديثة والتقنية المحلية للكركة التقليدية.

بإنتظار ما سيحمله يوم العرق اللبناني يوم 26 تموز الجاري من مستجدات هذه الصناعة أيضا

 

أسباب واقعية جعلت العرق الزحلاوي يتقدم على غيره …وللعروس فضل كبير في ذلك

في 26 و 27 تموز سيستضيف بارك جوزف طعمه سكاف البلدي “يوم العرق اللبناني” الذي ينظم بالتعاون بين بلدية زحلة-معلقة وتعنايل ووزارة الزراعة، للسنة الثانية على التوالي، تزامنا مع الإحتفال بزحلة “مدينة متميزة بالأكل” في اليوم العالمي للأكل.

ليس غريبا أن تسعى المدينة لتحتضن هذا الحدث، كنشاط سنوي من ضمن مهرجانات الكرمة السياحية، لما للعرق وصناعته “وشربه” من إرتباط وثيق بالتركيبة “الإجتماعية” والإقتصادية لل”مدينة”، استرعى إهتمام الباحثين، الذين كلما توغلوا في تاريخ صناعة العرق، كلما زادت قناعاتهم بأن “أصل العرق” بمذاقه الحلو الطيب الذي نعرفه، هو من زحلة، وأن أجود أنواعه واطيبها أنتجت في هذه المدينة، ومنها إنطلقت الى مختلف المدن اللبنانية والى العالم.

يوسف المر، هو واحد ممن استرعته هذه الصناعة، وبحث عن جذورها لأكثر من 20 سنة، حتى خرج بكتاب “العرق بداية الشغف…” انتهى من طباعته مؤخرا، وسيكون حاضرا في يوم العرق اللبناني، يكشف بعض أسرار صناعة العرق، وطبيعة العلاقة التي ميزتها بمدينة زحلة.

 بحسب المر فإن الزحليين تعلموا استقطار العرق حتى قبل التاريخ الذي ذكره عيسى اسكندر المعلوف اي سنة 1860، معللا ذلك بوجود الجيش الانكشاري الموصوف بتناوله للكحول وخصوصا العرق. ولما كان الأرمن قد خافظوا على هويتهم في هذا الجيش، فقد كانوا “الواسطة” لدخول العرق الى زحلة، من دون صناعته.

تعلم الزحليون وفقا للمر صناعة العرق من الارمن، الذين تحولوا من قوة محاربة الى فئة تمتهن الممنوعات منذ سقوط القسطنطينية عام 1453،  وبالتالي فإنه يرجح ان يكون في هذه الفترة قد ظهرت صناعة العرق في الدولة العثمانية.

ولما كانت علاقات زحلة التجارية قد امتدت الى تركية مرورا بمدينة حلب،  فقد نشأت بين زحلة وحلب علاقات تجارية مهمة، نتج عنها تفاعل مع الجالية الارمنية التي شكلت عصب صناعات مدينتها، ومن ضمنها صناعة العرق. وهنا يقول المر “ما أكثر العائلات من اصل حلبي وارمني التي اتت الى زحلة، حاملة معها عاداتها ومفاهيمها”.

في زحلة كما يقول المر “دخل العرق الى بيئة حاضنة، ترعرع فيها حتى تخاله من لدنها، اشبع الزحليون والبقاعيون العرق تحسينا وتطويرا، حتى ضاهى الاصيل بجودته. ذاع صيته فأعطوه كنيتهم، وحلاوة مجالسهم اضفت عليه شرعية، ونكهة مآدبهم توجته ملكا على الاصيل، بات العرق الزحلاوي الاطيب بين المشروبات الكحولية.

فلماذا يعتبر العرق الزحلاوي مميزا…هنا سبعة مكونات يتحدث عنها المر في كتابه:

1- العنب العبيدي والذي ينمو في الشريط الغربي

يعطي كمية عصير تفوق غيره، وحلاوته اعلى من بقية الانواع، علما انه كلما زادت نسبة الحلاوة زادت كمية السبيرتو اي الكحول، وزادت كمية العرق اي زاد مستوى الربح. اضافة الى كونه يعطي نكهة افضل للعرق لأنه مهما علت نسبة حلاوته يحافظ على “شلش الحموضة”.

2- ظهور العروس في صناعة الكركي

بدلا من حية المياه او ماسورة النحاس. والعروس هي الجزء الذي يحول البخار الى سائل. وهذا يعتبره المر ثورة تكنولوجية زحلية نقلت العرق من مادة تموينية بيتية الى مادة تسويقية، وجعلته طيب المذاق وعالي الجودة.

ووجود العروس مرتبط خصوصا بالنظافة لأنها تساعد على تنظيف الكركة من الرواسب التي تلتصق بها.ومن هنا لم يستغن عن العروس في الصناعات الحديثة، وشكلت ممانعة فعلية لاستيراد التكنولوجيا الغربية، فجرى اضافتها عنصرا اساسيا في الصناعة الحديثة .

يعيد المر الفضل في هذا التطور الذي طرأ على هذه الكركة الى خليل ابراهيم نحاس وابنه ميشال،  مشيرا الى أنه سمح بنقلة نوعية في صناعة العرق، الذي صار يمكن تصديره الى الخارج بدءا من سنة 1920 وبالتالي صار الشرق الاوسط يستورد الكركات آل النحاس،  وكانت تلك الكركة السادسة في ترتيب تطور الكركات.

3- طريقة التقطير:

خليل النحاس لم يخترع فقط العروس، بل غير بطريقة تقطير العرق، وجعلها ثلاث مرات بدلا من اثنين، وهذه الطريقة اسهمت في تنقية العرق بشكل كبير من الكحول المضرة، واصبح سلسا طيبا ويعرف بالعرق البلدي المثلث الاصيل

4- استبدال اليانسون اللبناني باليانسون السوري

وتحديدا الشامي من بلدة حينة،  وهو الذي يعتبر من اهم انواع اليانسون وصار العرق يتميز بلون ساطع البياض.

5-العامل الجغرافي:

حيث اكتشف المر في كتابه، ان الفروقات المناخية تترك تأثيرا على صناعة العرق التقليدية. وخصوصا في الساحل حيث ضمرت هذه الصناعة وتراجعت الى ان توقف انتاجها، لافتا الى ان الفروقات في درجات التبخر بين زحلة التي تقع على ارتفاع الف متر والساحل تجعل العرق الزحلي يخلو كليا من الكحول المضرة

6- النظام الضريبي:

ويبدو التفسير الذي توصل اليه المر هنا مثيرا للاهتمام اذ يقول وفقا لرواية قدمها له فوزي حنا بشارة  من بلدة دير ميماس الجنوبية “ان اسعار العرق اللبناني اغلى ولكن الفلسطينيون يحبون العرق اللبناني.  فعرفت ان سعر العرق في فلسطين أرخص من اللبناني، ولدى الاستفسار تبين ان في فلسطين كانت الضريبة تحسب على الساعة، ففي كل خمارة توضع ساعة على حائط الخمارة، فيأتي المأمور يشغل الساعة وما عليك بعد ذلك سوى ان تعد الساعات لتدفع الضريبة. هذه الطريقة في تحصيل الضرائب دفعت الخمرجية الى تقوية النار للسحب، اي تقطير اكبر كمية من العرق في اقصر وقت لتخفيف نسبة الضرائب. فشعطت الطبخة..

اما النظام الضريبي في لبنان فيعتمد على تقدير كمية العصير من قبل مأمور الضرائب، والموجودة في الخمارة، ولك مطلق الحرية لشيلها خلال شهر وشهرين وسنة او سنتين، والنتيجة عرق غير مشعوط طيب ولذيذ.

7- في العادات والتقاليد

اذا كان المر يشير الى عادات كل بلد في شرب العرق، فإنه يتوقف عند أهمية  الثلج الذي اضيف الى هذا المشروب، الثلج الطبيعي اولا وثم الثلج الاصطناعي بعد ظهور التكنولوجيا. وليس هناك مشروبا كحوليا في العالم يضاف اليه الثلج الا في زحلة، فامسى كالليموناضة والبأسمة.

ترقبوا غدا مراحل تطور الكركات في زحلة… ولماذا سميت العروس بالعروس؟