كما في  مواسم “مهرجانات الكرمة” في زحلة  على مدار السنوات الماضية، صار لنشاطاتها المتنوعة، عنوانين ثابتين في المدينة، يشكلان متنفسين طبيعيين في كل أيام السنة، أكبرهما بارك جوزف طعمه سكاف البلدي في بيادر زحلة، وأقدمهما “حديقة المنشية” في شارع البرازيل بوسط المدينة.

“حديقة المنشية”

أو “منتزه المنشية” كما كانت تعرف به بعد آب 1911  عندما اشترت البلدية من الرهبنة الحناوية الشويرية قطعة ارض واقعة بين جسري عين “الدويليبي” و “الصلح” بهدف ترتيبها لإقامة منتزه  قريب من المراكز الحيوية السياحية، على مساحة 10 الاف ذراع.

تعتبر المنشية واحدة من الشواهد على التحول المديني في  زحلة في عهد المتصرفية، وقد سميت في تحقيق منشور بجريدة العصر للصحافية دانييل الخياط منذ سنة 2009  ب  “عميدة الحدائق” في زحلة، حيث خصها القوميسيون البلدي منذ سنة 1913 بإهتمام كبير، كمرفق عام متعدد الوظائف الجمالية منها والبيئية الى الترفيهية والتثقيفية.

كانت “المنشية” شاهدة على  تطور محيطها الذي زاد من رونقها، مع تشييد اوتيل قادري الكبير سنة 1913  أولا، ومن ثم تلزيم تزفيت بولفار زحلة في سنة 1929.

أطلق على الشارع المقابل لها إسم شارع المنتزه، قبل أن يسمى لاحقا بشارع البرازيل.

كان يوسف بك البريدي، عضو مجلس الإداري في عهد المتصرفية، من الساعين لانشاء المنشية كما مشاريع إنمائية أخرى عرفتها المدينة، وعليه كرمت المدينة إجتهاده لإنمائها بتمثال برونزي للفنان الايطالي مازاكوراتي يطل من المنشية على شارع البرازيل المقابل.

عرفت المنشية طيلة فترة نشأتها محاولات تنظيم عديدة، الا ان النقلة النوعية التي شهدتها كانت في عهد محافظ البقاع نصري سلهب سنة 1959حيث زودت بتماثيل للنحات الفرد بصبوص جسدت ادونيس وعشتروت واورفا في احضانهما وزينت بأجران حجرية.

كما جرى في عهده بناء جدار، رصفه الفنان الروسي الكسندروس بعشرين لوحة فسيفساء تمثل ابرز معالم لبنان السياحية، وانيرت الحديقة FLUORESCENT

 في عهد اول رئيس بلدية معين بعد إتفاق الطائف، جوزف غرة، عملت البلدية على ازالة اثار الاهمال في هذه الحديقة، واهّلت بعض جوانب الحديقة والمراحيض وأعادت صيانة اسوارها واضافت اليها تماثيل تعبيرية للنحات بصبوص وانارتها.

لتولي البلدية اللاحقة برئاسة أسعد زغيب أهمية مشابهة لمنشيتها، حيث سميت في عهده أيضا بحديقة الشعراء، مع الإعلان عن السعي لتكريم الشعراء وأدباء زحلة بشكل دوري، وتخليد كل منهم بتمثال يغرس  في وسط حدائقها.

بارك جوزف طعمه سكاف او كما يعرفه البعض ببارك البيادر

 

بدأت فكرة المشروع منذ سنة 1998 عندما برز مطلب لدى الزحليين كما شرح رئيس البلدية اسعد زغيب حينها، لمكان عام للراحة والترفيه عن النفس والتنزه وممارسة الرياضة والهوايات المتنوعة وسط موقع بيئي سليم مجهز بمتطلبات السلامة العامة.

ليولد المشروع بوجود الثقة التي اولاها إتحاد الدول الفرنكوفونية AIMF لزحلة، حيث أمن تمويل المرحلة الأولى للمشروع بنصف تكلفتها أي نحو 150 الف يورو، بعد ان وضعت دراسة البارك دائرة الهندسة في بلدية كيبيك الكندية.

في 18 تشرين الاول من سنة 2002 رفعت بلدية زحلة الستارة عن لوحة تذكارية للإنطلاق بالمشروع بمشاركة ممثلين عن ال AIMF، لتفتتح المرحلة الأولى منه في 6 ايار 2004، حين اطلق عليه ايضا تسمية بارك جوزف طعمه سكاف.

يمتد البارك حاليا على مسافة 17 الف متر مربع، وقد تم انجازه على مرحلتين، وتضمنت المرحلة الاولى تنفيذ معظم أعمال البنى التحتية وقنوات الصرف الصحي شبكة مياه الشفة ومياه الري والكهرباء المدرجات التي تتسع لنحو الفي شخص ملعب لكرة السلة، حلبة تزحلق، طرقات لممارسة رياضة المشي، اربعة الاف متر مربع من المساحات الخضراء، بيت للناطور وتصوينة خارجية من الحجر، إنارة، ومواقف لمئة سيارة.

أما المرحلة الثانية فقد أضافت الساحة الكبيرة للاحتفالات الفنية والموسيقية ومعارض الرسم، ومساحات خضراء اضافية مع برك للمياه وأماكن للاستراحة، ليكون مركز التنشيط الذي مولته ال world vision ويديره قسم الشباب في الصليب الاحمر آخر الإنشاءات في البارك، الذي عاد وخضع لعملية تأهيل وصيانة في بداية عهد المجلس البلدي الحالي.

نجح البارك البلدي بأن يصبح مكانا مثاليا يجمع العائلات وافرادها من مختلف الاعمار، وخصوصا الاطفال الذين يجدون فيه متنفسا مجانيا،  ينمي مواهبهم بعيدا عن خطر السيارات وفي بيئة نظيفة.

بعد ان تسلم المجلس البلدي الأخير مهماته عمل على تنظيم عملية الدخول الى البارك، وخصص الزوار الدائمين ببطاقات يبرزونها عند دخولهم حفاظا على سلامته وسلامة قاصديه.

كان المدرج الحلم الاول من إقامة البارك، لخلق مكان يوضع بتصرف الزحليين في كل ايام السنة، بغية مساعدتهم على تفجير طاقاتهم الفنية والرياضية والاجتماعية. وها هي أولى نشاطات مهرجانات الكرمة التي يستضيفها مساء السبت، تنظم في بارك جوزف طعمه سكاف،  الذي ستشع لياليه اللاحقة بنشاطات اخرى خلال أكثر من 40 يوم من الإحتفالات المدرجة بمهرجانات الكرمة لسنة 2019 والتي سيعلن عنها تباعا.