لطالما تحدث الزحليون عن أياد لمغتربين ساهمت في مشاريع إجتماعية وإنسانية عديدة في المدينة.. ولفترة طويلة بقي الزحليون المقيمون يترقبون أخبار المنتشرين، يفرحون بنجاحاتهم، ويعتزون بسعيهم لبلوغ طموحاتهم. فكانت أخبار هؤلاء لا تغيب عن المدينة، كما لا تغيب أخبار المدينة عن بال المنتشرين…

أجيال تعاقبت على الهجرة،  لم يتراجع خلالها حماس الداخل للخارج، حتى دخلنا عالم التكنولوجيا الحديثة، ووسائل التواصل التي جعلت العالم قرية واحدة، لتظهّر صورة مجتمعات زحلية في بلدان الإنتشار، حافظت على الروابط بينها على رغم طول سنوات الغربة، وبقي نظرها دائما على المدينة وعلى موعد الإلتقاء بها مجددا.

بلدية زحلة- معلقة وتعنايل من خلال “جامعة الإنتشار الزحلي” أخذت المبادرة هذه السنة، وقررت أن تبحث عن أبنائها المنتشرين في مختلف أرجاء العالم. فنجحت فعلا بأن تجمع عددا منهم في “المؤتمر التأسيسي الاول للإنتشار الزحلي” تحت سقف المدينة، وقصرها البلدي تحديدا، بعد أن لاحظ رئيس البلدية أسعد زغيب كما يقول في جلساته الخاصة، متانة هذا الرابط الذي يجعل الزحلي يبحث عن الزحلي أينما وجد، ليخلقا معا بيئة تشبه ما حملوه في ذاكرتهم عن مدينتهم. تبلورت هذه العلاقات خصوصا في نواد زحلية، كعلامة متميزة لزحليين تنوعت اسباب غربتهم عن المدينة، تبعا للأحوال والظروف التي مرت بها زحلة ولبنان عموما، ولكن عقولهم وقلوبهم بقيت متعلقة بالمدينة..

42 شخصية زحلية ستجتمع من 15 الى 19 آب بضيافة جامعة الإنتشار الزحلي، وستعقد لقاءات وورش عمل، تبحث من خلالها في مستقبل المدينة والتطلعات لتطورها… هؤلاء لن يكونوا إلا النواة التي تتوجه من خلالها جامعة الإنتشار والبلدية الى الزحليين المنتشرين بالآلاف في مختلف أرجاء العالم…

لا شك أن المؤتمر التأسيسي سيسهم بتبادل المعلومات حول نجاحات المنتشرين الزحليين،  بحيث يسهل توثيق أسماءهم بشكل علمي، مهمة الباحث بتاريخ الإنتشار الزحلي، أبرز شخصياته ونجاحاتهم في عصرنا الحالي، بعدما وثقت صحف زحلية سابقا أسماء شخصيات لعبت دورا بارزا في الإنتشار، وتركت أثرها في مدينتنا، وفيما يلي بعض هذه الشخصيات:

الهجرة الى البرازيل

كانت البرازيل وجهة الهجرة الأولى للزحليين في أواخر القرن التاسع عشر، والتي تشير المعلومات الى أنه كان في طليعة المهاجرين الزحليين اليها كل من سليم وشاهين وملحم المعلوف، وفرحات الصدي، وديب هيكل النمر، الذين أقاموا في ريو دي جانيرو وساو باولو.

على رغم “الجفا” الذي ولده البعد، يذكر المؤرخون بأن المنتشرين الزحليين في البرازيل كانوا أول من أنشأ الاندية والجمعيات والمقاهي والمطاعم الزحلية، وكان النادي الزحلي الذي تأسس في سنة 1922 افخم هذه النوادي اللبنانية في البرازيل.

في البرازيل لمع الزحليون خصوصا بالتجارة  والصناعة، فيما إشتهر المعالفة بصناعة النسيج. فأسس اسكندر عيسى المعلوف مع شقيقيه الشاعرين فوزي وشفيق شركة الحياكة الحريرية والطبع والنقش ومعمل للكلسات النسائية بإسم فاما.

كما لمع اسكندر المعلوف الذي أسس النادي الرياضي اللبناني وبنى فندقا من 114 طابق في ساو باولو.

كذلك لمع قيصر المعلوف الذي طبع اول ديوان  له في ساو باولو، نشر في جريدة البرازيل سنة 1899. والتي أنشأها  بعد هجرته الى البرازيل سنة 1895 حيث ترأس أيضا اول نقابة صحافية عربية، كما كان اول قنصل للبنان في البرزيل.  وكان له الدور في نشر دواوين الاخوة شوقي وفوزي ورياض التي ذاع صيتها في البرازيل. علما ان آل المعلوف كان لهم الدور البارز في تأسيس النادي الزحلي في سان باولو

كان ظريف زحلة ولبنان نجيب حنكش، من الشخصيات الزحلية البارزة التي هاجرت الى البرازيل أيضا، حيث عمل في بداية إغترابه  بإحدى محطات الراديو الكبرى في سان باولو، مما ساعده على ايصال صوت الزحليين الى ذويهم في البرازيل، لدى القيام بالمشاريع الصحية كبناء مستشفى تل شيحا. وكانت اول “اسطوانة” عربية صنعت واذيعت في ساو باولو لنجيب حنكش…

وفي الشق الإقتصادي لمع هنري مقصود في الريو دي دجانيرو، بأعماله المتنوعة، وخصوصا ببنائه مطار ريو دي جانيرو، الى جانب أوتيل “مقصود” وثلاثة مبان أخرى سماها “النيل” “الامازون” و”البردوني”.

روبرتو وديع دواليبي، كانت عائلته اول عائلة لبنانية تهاجر الى ماتوغروسو شمال البرازيل، وقد تعاطت الملاحة  النهرية.

فايز زرزور  بنى مدرسة كبيرة تعنى بالاطفال المعوزين

أما في المجال السياسي فقد برز كل من:

 كارلوس جريصاتي بفوزه في أحد الانتخابات العامة بالنيابة الفدرالية وإختياره رئيسا لحزب العمال في مقاطعة سيارا

الفريد ابو زيد  عين وزيرا للداخلية والعدل وهو المركز الثاني في الدولة، وله عدة مؤلفات قانونية وأدبية

البيرتو معلوف  عين حاكما لولاية سان بازولو

ريكاردو عازار عين نائبا في سان باولو

اديسون خير عين سيناتور في البرازيل

شفيق القسيس عين قنصل لبنان الفخري في بيللو اوريزونتي

جوزف نكد قنصل لبنان الفخري في شمال البرازيل، وقد منحته الحكومة الفرنسية وساما رفيعا تقديرا لما اداه في تمتين اواصر الصداقة اللبنانية الفرنسية.

 جورج غزالي الذي عرف بعلاقته المميزة بالقادة والرؤساء البرازيليين، وقد كتبت احدى الصحف البرازيلية عن قربه من الرئيس البرازيلي.

الهجرة الى أميركا:

في نيسان 1884 كان اول تاريخ للهجرة الزحلية الى القارة الأميركية، وكان في طليعة المهاجرين حبيب ابو جوده

لم يكن نجاح الزحليين في القارة الأميركية اقل منه في البرازيل, اذ لمعت في هذه البلاد اسماء عائلات زحلية على مختلف الاصعدة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية. منها:

البروفيسور روبير جريصاتي من ابرز اطباء القلب في العالم، وقد ادار قسم القلب والشرايين في مستشفى كونيكتكت، وتناولت المجلات الطبية دراساته ومحاضراته بإهتمام واعجاب كبيرين.

 

المهندس اسعد زغيب الذي شارك في النهضة العمرانية في ماناغاو عاصمة نيكاراغوا. واشاد مبان بطريقته الخاصة ضد الزلازل، عرفت باسمه، وهي الوحيدة التي صمدت في المدينة بعد  زلزال ضرب تلك البلاد سنة 1972. وقد قام وفد من الاختصاصيين ومهندسين من الولايات المتحدة واليابان بدراسة هذه الظاهرة.

لقب أسعد زغيب بشيخ المغتربين في نيكاراغوا، وعين قنصلا فخريا فيها وقد خلف في المنصب إبنه جوزف.

العالم ايلي بغدادي الذي كان من المسؤولين في رحلة ابولو، اعتبر الاول بين اربعة من حيث المقدرة والعمق في علم الفضاء وسعة المعلومات والتطلعات والاراء. حيث استطاع ان يختصر عددا من تجهيزات المركبة الفضائية الإلكترونية بجهاز واحد وابتكر اجهزة تطور العلم الفضائي. شغل منصب رئيس شركة للتحاليل والابتكارات التي تنتج شبكات للالتقاط والارسال الالكتروني. كما انه صاحب شركة انتاج المكرو زادار التي تستخدم لمنع تصادم السيارات.

الدكتور ضاهر الراعي انتخب  عضوا عاملا في مجلس درس تطور الطب الحديث، ليمثل ولاية ميتشغن كلها في هذا المجلس الذي يضم خمسين ممثلا من الولايات المتحدة كما انه انتخب عضوا في مجلس نواب ميتشغن.

الدكتور فارس طنوس: برز بالجراحة العامة والامراض النسائية واكتشف دواء لحرارة العيون.

شعيا ريا: انشأ منتزها جميلا في بيوريا اطلق عليه اسم جارة الوادي واخذ يعد فيه كافة المأكولات والمشروبات الزحلية التي قدمها بدون مقابل.

الياس اسعد سكاف انتخب محافظا في  SOUTH CALIFORNIA

شاكر وديع عازار: فاز بمعركة انتخابية لرئاسة بلدية مدينة بكولورادو

سالم سابا: رئيس الجمعية الخيرية الزحلية في لوس انجلوس

كما برز في الشق التجاري كل من:

خليل جحا الذي كان اول تاجر زحلي ينشئ محلا في نيويورك.

جورج ورشيد زخور كانا صاحبي المتاجر الواسعة والاعمال الكبيرة في الولايات المتحدة وكندا. كما لمعت عائلات ابو جمرا والبردويل اللتين كانتا تتعاطيان التجارة وصناعة التطريز والدنتيل في نيويورك.

عائلة جريصاتي التي تعاطت تجارة وصناعة الالبسة النسائية والرجالية في فرجينيا

وكذك لمع مخايل فاخوري بالمجال نفسه في كاليفورنيا.

في كندا

اول المهاجرين الى كندا كان شخص من ال ابي نادر سنة 1884، تبعته عائلات عدة منها عزيز الراعي، الطباع، ابو خالد، حمصي، مسلم، حداد، خوري، المعلوف، الشقية.

في كندا عرفت العائلات الزحلية بتعاضدها لمساعدة بعضها لتأمين المسكن والعمل والمال.

وكانت عائلة طباع ولا تزال من العائلات المعروفة، ومنها نجيب وفهد الطباع اللذين افتتحا محلا للأقمشة في مونتريال وسمياه “طباع ابناء عم” ، وجورج وفايز الطباع اللذين تعاطيا تجارة النسيج كرشيد نقولا الراعي، وابراهيم الياس الراعي، وخليل فارس الراعي، الذين اشتروا شركة الخياطة الأميركية الشهيرة في فانكوفر سنة 1913، واعطوها اسما جديدا هو “راعي وشركاهم.

علما أن عائلة الراعي قدمت أيضا في كندا “القنصل” خليل ابراهيم الراعي.

وقد برز من الزحليين أيضا في كندا القاضي البير المعلوف الذي عين عضوا في المحكمة العليا في الحكومة الكندية.

في أوستراليا:

كان اول زحلي هاجر الى أوستراليا سنة 1876 كان طانيوس ابو خطار. الا ان الهجرة الى اوستراليا بقيت فردية،  وقد تركز نشاط الزحليين هناك على التجارة والصناعة والخدمات وانشأوا المؤسسات الصناعية والحرفية التي توزعت بين سيدني وملبورن وكانت تعد من مصانع الدرجة الاولى.

من التجارة إنخرط زحليون منتشرون في اوستراليا بالشأن العام كجورج سكاف الذي كان رئيس الجمعية اللبنانية في سيدني. وليم المعلوف الذي اختير مختارا في مدينة كونابارابيان.

وفي مجال السياسة لمع كل من المحامي فيليب معلوف، والمحامي اوجين الصايغ، وفرنك جحا الذي انتخب عضوا في البرلمان في تاسمانيا ملبورن.

وفي مجال الطب لمع جورج وجوزف وفوزي المعلوف الاخوة الثلاثة الذين برعوا في الطب. الى جانب نعمان عزر المعلوف.

هؤلاء ليسوا وحدهم، بل توزع الزحليون في تشيللي والمكسيك وفنزويلا والاوروغواي والارجنتين والشاطئ الذهبي والسنغال واثيوبيا ونيويلاندا،وفي كل منها تركوا أثارا..

أياد بيضاء في المدينة

ولم يكن الأمر، سهلا على الزحليين الذين كان عليهم تخطي عقبات كثيرة،  حتى تمكنوا من تحسين احوالهم…  وعندها نظروا الى مدينتهم وتركوا اثرا لا يقل اهمية عما خلفوه في البلد المضيف، ولم يتوانوا ضمن الإمكانيات المتاحة لهم عن المساهمة في نهضة مدينتهم العمرانية وازدهارها وتقدمها وانمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

ترك المغتربون أثرهم في أكثر من معلم بالمدينة، فكانت ولادة  حضانة الطفل التي تأسست سنة 1948 بأموال المغتريين وخصوصا المغترب نجيب زلاقط الذي قدم الدار.

بناء كاتدرائية سيدة النجاة ودار المطرانية للروم الكاثوليك وكاتدرائية مار نيقولاويس اضافة الى تشييد تمثال سيدة زحلة والبقاع.

بناء مستشفى تل شيحا ومأوى العجزة التابع له والذي دشن سنة 1954 بفضل المغترب جورج المعلوف من البرازيل الذي صادف وجوده في زحلة اثناء التشييد فتبرع بكافة الاكلاف المترتبة لانطلاقة المشروع.